"لا يكفي للمحافظين أن يفوزوا بالانتخابات. إذا كنا نريد أن ننقذ البلد من قبضة اليسار المتطرف، فنحتاج إلى أجندة حكم وأشخاص مناسبين في الأماكن المناسبة، أشخاص مستعدين لتنفيذ هذه الأجندة، منذ اليوم الأول لتولي إدارة محافظة مقبلة لزمام الأمور في البيت الأبيض".
تختصر هذه الكلمات الواردة في "مشروع 2025" الذي نشرته مؤخرا "مؤسسة هيرتج" الأميركية (Heritage Foundation)، المعروفة بتوجهها الأيديولوجي شديد المُحافظة، الهدفَ الأساسي المُقتَرَح للمرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترمب، في حالة فوزه في انتخابات نوفمبر المقبل. يتضمن المشروع، واسمه الكامل "مشروع الانتقال الرئاسي 2025" مقترحات تفصيلية، بخصوص إعادة هيكلة عميقة للحكومة الاتحادية وتبني سياسات جديدة، يمينية الطابع، شاركت في كتابتها عشرات المؤسسات البحثية والشخصيات العامة المحافظة على مدى أكثر من 900 صفحة، ومن بينهم مسؤولون سابقون في إدارة ترمب.
ورغم أن كتابة مؤسسات بحثية تُعنى بالسياسات العامة مقترحات لمرشحين رئاسيين أمر معتاد، فإن ثمة ميزات لافتة في "مشروع 2025" تَفصله عن سواه من المقترحات المقدمة سابقا وفي سياقات مختلفة.
الميزة الأولى هي الطبيعة الضخمة والشاملة لهذا المشروع، فهو يمثل خريطة طريق متكاملة تقريبا تعيد صياغة الولايات المتحدة كدولة من الداخل على نحو جذري غير مسبوق من "أجل هزيمة اليسار المناهض لأميركا في الداخل والخارج"، بين أهداف أخرى لا تقل راديكالية.
الميزة الثانية هي الصلة الوثيقة بين إدارة ترمب و"مؤسسة هيرتج" أيديولوجياً وإدارياً، إذ عمل نحو 70 موظفا في المؤسسة في إدارة ترمب السابقة. الأهم من هذا أن إدارة ترمب تبنت ونفذت نحو ثلثي الاقتراحات التي قدمتها المؤسسة لها بين عامي 2016 و2017 مثل انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان وانسحاب أميركا من الاتفاق النووي مع إيران واتباع سياسة الضغط الأقصى ضد "الجمهورية الإسلامية" والخروج من اتفاق باريس للمناخ ومن منظمة "اليونسكو"، وزيادة الإنفاق العسكري والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وتشريع خفض ضريبي كبير للشريحة الأغنى من الأميركيين وإنهاء الحماية الفيدرالية لحق النساء في الإجهاض، وزيادة متطلبات العمل للعوائل الفقيرة التي تتلقى مساعدات حكومية، والسماح بالتنقيب عن الموارد الطبيعية كالنفط والغاز في المناطق البحرية التي تعود ملكيتها للحكومة الاتحادية وغيرها كثير.