يبدو أن الجولة الحالية من المفاوضات بين "حماس" وإسرائيل برعاية أميركية ومصرية وقطرية تتمتع بفرص أعلى للنجاح، قياسا بجولات المفاوضات السابقة. وما يعزز هذا الاستنتاج أن جميع الأطراف المعنية بالمفاوضات تبدو أكثر قابلية وحاجة لإتمام الصفقة المنتظرة بعد دخول الحرب شهرها العاشر، ما جعل طرفيها المباشرين أي "حماس" وإسرائيل يشعران بالتعب والإنهاك وعدم القدرة على الاستمرار إلى ما لا نهاية في حرب استنزاف مكلفة للطرفين. فإذا كانت "حماس" تواصل القتال المتقطع وتحاول إعادة تنظيم صفوفها العسكرية والمدنية بالحد الممكن خصوصا في ظل عدم وجود بديل منها في القطاع الفلسطيني المحاصر، فإن استمرار الحرب يفقدها تدريجيا هذه القدرة بسبب تكبدها المزيد من الخسائر البشرية والعسكرية.
وفي المقابل، فإن الجيش الإسرائيلي بدأ يفقد الجدوى من استمرار الحرب بوتيرتها الحالية ويخشى أن يؤدي استمرارها إلى خسارة "إنجازاته" فيها، ولذلك فهو يضغط على المستوى السياسي الإسرائيلي لإبرام صفقة مع "حماس"، وهو ما يشكل معطى أساسيا لتوقع فرص أكبر للمفاوضات الحالية.
لكن، وعلى الرغم من ذلك فلا يمكن الجزم أن هذه الجولة من المفاوضات ستؤدي حتما إلى اتفاق بين الجانبين. وهذا مرده بالدرجة الأولى إلى حسابات بنيامين نتنياهو الشخصية والسياسية. فمن جهة، هناك سؤال عن قدرته أو رغبته في الوقوف بوجه الوزيرين المتطرفين بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير اللذين يهددان بالخروج من الحكومة في حال أبرم نتنياهو الصفقه وتخلى عن تحقيق أهداف الحرب.
ومن جهة ثانية هناك سؤال عن استراتيجية "بيبي" في التعامل مع واشنطن عشية الانتخابات الرئاسية الأميركية، فهل يريد نتنياهو إهداء جو بايدن إنجازا عشية الانتخابات من خلال المساهمة في إنجاح مقترحه للتهدئة وإنهاء الحرب في غزة، أم إنه يراهن على وصول دونالد ترمب إلى البيت الأبيض وبالتالي هو لا يستعجل صفقة مع "حماس" قبل نوفمبر/تشرين الثاني المقبل موعد الانتخابات الأميركية.