كانت الكويت قد حققت فائضا في السنة المالية المنتهية في 31 مارس/آذار 2023 بلغ 6,4 مليارات دينار أو 21 مليار دولار. لكن الحكومة الكويتية لا تزال توظف الآلاف من المواطنين المتدفقين إلى سوق العمل في الدوائر والمؤسسات الحكومية وتعمل على دفع دعم العمالة للعاملين في شركات القطاع الخاص أو لحسابهم الخاص. وإذا علمنا بأن المتدفقين سنويا يقدرون من 15 إلى 20 ألف مواطن فإن ذلك يعني المزيد من تخصيص الأموال لمواجهة الرواتب والأجور. ويشكل بند الرواتب والأجور أهم الضغوط على الموازنة الحكومية حيث تمثل 61 في المئة من قيمة الموازنة المالية للعام 2024/ 2025 التي تبلغ 24,6 مليار دينار أو ما يزيد قليلا على 80 مليار دولار.
معالجة التشوهات الاقتصادية
هناك توقعات احتسبت ضمن الموازنة بأن يتحقق عجز قدره 5,9 مليارات دينار أو 19,25 مليار دولار حيث تم تقدير الإيرادات بافتراض سعر برميل النفط الكويتي بـ 70 دولارا. مما يعني أن العجز يشكل هاجسا للكويت التي تمتعت لسنوات طوال بالفائض ولم تمتلك إيرادات سيادية أخرى ذات أهمية لتوريدها للخزينة العامة إلى جانب إيرادات النفط.
في طبيعة الحال قد تتغير الأمور في السنوات المقبلة وتضطر الحكومة إلى إعادة النظر في قانون الموازنة وتعديله بما يمكن من احتساب إيرادات الصندوق السيادي. لا يزال ذلك أمرا غير مرغوب فيه، ويتعين على السلطات المالية أن تحاول بذل الجهود من أجل ترشيد الإنفاق بكل الأساليب والطرق وتحديد مفاهيم للتوظيف والدعم وتسعير الخدمات الحكومية بما يمكن من تحسين الإيرادات غير النفطية وخفض الإنفاق الجاري.
لكن لتحقيق الاستدامة المالية لا بد من معالجة التشوهات الاقتصادية وتحرير الدولة من التزامات عدة، ومنها تملك المرافق الحيوية وإدارتها وتمكين القطاع الخاص من تولي مسؤوليات أساسية ومهمة في العمل الاقتصادي.
كذلك، لا بد أن يواكب ذلك تطبيق ضريبة القيمة المضافة كما هو متبع في الدول الخليجية الأخرى وصياغة أنظمة لضرائب الأرباح وغيرها من ضرائب تعزز إيرادات الخزينة العامة.