تداول نشطاء عراقيون صورة لعالم الفيزياء العراقي عبد الجبار عبد الله، الرئيس الأسبق لجامعة بغداد، واقفا إلى جانب العالم الكبير ألبرت آينشتاين في جامعة برينستون سنة 1952. أضافوا على المنشور الذي انتشر مثل النار في الهشيم تعليقا بأن آينشتاين أهداه قلما، سُرق منه أثناء اعتقاله في بغداد سنة 1963.
أوضح الموقع الرسمي للدكتور عبد الله على الإنترنت أن هذه الصورة مزيفة، وأنه لم يلتقِ آينشتاين في حياته، ولم يأخذ منه قلما. تُضاف القصة– على الرغم من جمالها- إلى آلاف المنشورات المغلوطة التي تنشر يوميا على شبكة الإنترنت، حيث لا رقابة على المنشورات ولا تدقيق تاريخيا، ويمكن لأي منها حتى لو كانت مغلوطة بشكل كامل، أن تنال إعجاب ملايين المشاهدين.
منها مثلا ما يقول إن الرئيس السوري شكري القوتلي قال لجمال عبد الناصر عند قيام الوحدة السورية المصرية سنة 1958: "لقد سلمتك يا سيادة الرئيس شعبا نصفه زعماء ونصفه الآخر يعدون أنفسهم أنبياء أو آلهة". عُدنا إلى عائلة الرئيس القوتلي التي أكدت أن هذه القصة مغلوطة تماما ولا أساس لها، وأن من أطلقها كان الصحافي المصري محمد حسنين هيكل في زمن الانفصال.
ومثلها تظهر الكثير من الأبيات الشعرية التي تنسب زورا إلى نزار قباني، والقول إن رئيس وزراء سوريا فارس الخوري تسلم وزارة الأوقاف في مرحلة الأربعينات وهو مسيحي من الطائفة البروتستانتية. لو تعمق رواد "فيسبوك" قليلا لوجدوا أن وزارة الأوقاف لم تكن موجودة أصلا في حينها، وأن الخوري لم يتسلمها قط في حياته. أما بالعودة إلى الدكتور عبد الجبار عبد الله، فقد كانت له مسيرة علمية حافلة، لا يغنيها شيء، ولا ينتقص منها شيء سواء التقى بآينشتاين أو لم يلتق به. أطلق اسمه على شوارع عدة، وقاعة في جامعة بغداد، ونصب له تمثال في العراق، تقديرا لجهوده، ومع اقتراب ذكرى وفاته في 9 يوليو/تموز 1969، تنشر "المجلة" لمحة سريعة عن حياته القصيرة، التي انتهت وهو في السادسة والخمسين من عمره إثر مرض عضال.
من الفقر المدقع إلى كبرى جامعات أميركا
ولد عبد الجبار عبد الله في محافظة ميسان شرقي العراق يوم 14 نوفمبر/تشرين الثاني 1913، قبل أشهر من اندلاع الحرب العالمية الأولى. عاش طفولة بائسة ومثقلة بالفقر، علما أن والده كان رئيسا لطائفة الصابئة المندائية في بلدته. درس المرحلة الابتدائية في لواء العمارة، ونال الشهادة الثانوية من الثانوية المركزية في بغداد، وقد حصل على منحة لدخول الجامعة الأميركية في بيروت، نظرا لتفوقه في علوم الرياضيات والفيزياء، وطلاقة لسانه بالإنجليزية والألمانية والآرامية، لغة السيد المسيح.