عاش مخيم "عين الحلوة" للاجئين الفلسطينيين مرحلة من الاستقرار لا تزال مستمرة حتى اليوم، رغم التوتر الذي استجد عقب قرار السلطة الفلسطينية تعليق العمل بما يعرف بـ"الأطر المشتركة" بسبب تفاقم الخلاف مع حركة "حماس"، والذي نجم عنه اغتيال أحد أفراد "الأمن الوطني" التابع للسلطة الفلسطينية، والمسؤول عن أمن المخيمات بموجب اتفاق مع السلطات اللبنانية.
وكان المخيم الأكبر للاجئين الفلسطينيين والملقب بـ"عاصمة الشتات" شهد منذ سنة تقريبا اشتباكات ضارية بين "الأمن الوطني"، ومجموعات من المتطرفين الإسلاميين المدعومين من "حماس" و"حزب الله"، على خلفية اغتيال القائد الأول في المخيم أبو أشرف العرموشي.
هذه الاشتباكات التي استمرت حتى نهاية سبتمبر/أيلول، وتخللتها هدن متقطعة، وأسفرت عن مقتل 29 شخصا، ونزوح نحو 60 في المئة من سكان المخيم، لم تتوقف إلا بعد رضوخ السلطة الفلسطينية للضغوط الشديدة التي تعرضت لها من أطراف عديدة، بينها الدولة اللبنانية، وقبولها حقنا للدماء بالشراكة مع "حماس" في عملية صنع القرار داخل المخيم عبر واجهة من التنظيمات الإسلامية.
واليوم تبدو المخيمات الفلسطينية الأخرى في لبنان أمام سيناريو مشابه: إما الفوضى، وإما تنازل السلطة الفلسطينية عن أمن المخيمات لصالح حركة "حماس"، ومن خلفها حليفها "حزب الله".
وقائع وتحديات
يبلغ عدد مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان 12 مخيما، تحتضن محافظة الجنوب، الأقرب إلى حدود فلسطين المحتلة، العدد الأكبر منها وهو 5 مخيمات: "الرشيدية"، "البص"، "البرج الشمالي"، "عين الحلوة"، و"المية ومية". في حين تحتضن محافظة جبل لبنان 3 مخيمات، هي: "الضبية" و"برج البراجنة" و"شاتيلا"، الذي توسع مع تدفق اللاجئين إلى حي "صبرا" المجاور شرقي العاصمة بيروت، فأصبح يعرف بمخيم "صبرا وشاتيلا"، وأحيانا "مخيم صبرا" فقط.
بالإضافة إلى مخيمي "البداوي" و"نهر البارد" في محافظة الشمال، و"مار إلياس" في العاصمة بيروت، وواحد في محافظة بعلبك– الهرمل شرقي لبنان أقيم في ثكنة عسكرية فرنسية من أيام الانتداب وحمل اسمها "ويفل" العائد لقائد عسكري فرنسي، فيما يعرف في الأوساط الفلسطينية بـ"مخيم الجليل".
تشترك هذه المخيمات في المعاناة من التهميش والحرمان، ومن ثقل الهاجس الديموغرافي الذي دفع بالسلطات اللبنانية إلى حرمان اللاجئين من الحقوق المدنية والاجتماعية، حفاظاً على التوازن الديموغرافي، مع استثناء فئة ضئيلة منهم حصلت على الجنسية اللبنانية، وغالبيتهم من المسيحيين. بالإضافة إلى فرض الكثير من القيود عليهم خصوصا في سوق العمل.