استطاع موسم حج هذا العام 2024 وبكل اقتدار إبراز العناية والرعاية الفائقة التي بذلها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، في تقديم أفضل الخدمات للحجاج. ويعكس هذا النجاح استخدام المملكة لكافة مواردها واستنفار كافة أجهزتها ومؤسساتها، بالإضافة إلى توظيف أحدث التقنيات لإدارة الحج بكفاءة والاستجابة السريعة للتحديات.
وقد بدأ البناء المؤسسي للهياكل الإدارية للدولة السعودية مع تنظيم أول حج في عهد المؤسس الملك عبد العزيز، مما يظهر تزامن البناء التنظيمي للدولة، وهي مفارقة تاريخية فريدة.
ومن عام إلى آخر، تؤكد المملكة قدرتها وخبراتها الاستثنائية في إدارة الحشود المليونية وعلاقتها المتجذرة بالحرمين الشريفين، ليس من الناحية الجغرافية أو التاريخية فقط، بل كعلاقة وجودية تربط تطورات خدمة ضيوف الرحمن ورعايتهم بتطور بناء الدولة والإنسان.
وشهدت المملكة والعالم أجمع في العقد الأخير التطورات غير المسبوقة في تاريخ خدمة الحجاج والمعتمرين وزوار المسجد النبوي الشريف، بدءا من التوسعات والعمارة إلى تطوير وتحديث البناء المؤسسي للدولة.
وبهذا النجاح المتصاعد يتجلى الشعور بالمسؤولية تجاه إنجاح هذا الركن العظيم ليس لدى القيادات العليا والمسؤولين فحسب بل لكل المواطنين السعوديين أفرادا كانوا أو مؤسسات، مما يعكس دافعا ذاتيا للخدمة والسعي ابتغاء الأجر من الله، وليس أدل على ذلك إلا عدد المتطوعين الذي بلغ عشرات الآلاف ويزيد في كل عام.
كما يشهد على ذلك النظام الأساسي للحكم في السعودية، حيث تنص المادة 24 على أن "الدولة تقوم بإعمار الحرمين الشريفين وخدمتهما، وتوفر الأمن والرعاية لقاصديهما، بما يمكنهم من أداء الحج والعمرة والزيارة بيسر وطمأنينة". بينما تنص المادة 33 على أن " تنشئ الدولة القوات المسلحة، وتجهزها من أجل الدفاع عن العقيدة، والحرمين الشريفين، والمجتمع، والوطن".
لقد حققت المملكة نجاحات متتالية في جميع مواسم الحج ويعود ذلك إلى التخطيط الاستراتيجي والتعامل مع التحديات بفعالية من خلال تعاونها مع القطاعات المعنية بشؤون الحج لضمان راحة وسلامة الحجاج ولأجل ذلك استحضرت الطواقم العسكرية والأمنية والخدمية والتطوعية مما دفع بالجميع للعمل بإخلاص وتفانٍ رغم الظروف الصعبة والحشود المليونية.
ولم تغب وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي المحلية والدولية عن نقل الكثير من القصص الإنسانية الملهمة خلال موسم حج هذا العام كقصة الطبيبة ليان العنزي التي واصلت خدمة الحجاج رغم تلقيها نبأ وفاة والدها، مما يعكس القيم الإنسانية والنبيلة العالية لدى السعوديين. كما أظهرت مقاطع عديدة عفوية وملهمة لرجال الأمن والجهات الحكومية والخاصة توثق أنبل المواقف من حيث تفانيهم في تقديم أفضل الخدمات.