حتى يتمكن القاضي من أداء مهامه بتطبيق القانون وتحقيق العدالة، ولأجل أن تتوافر لديه الظروف النفسية والوظيفية والاجتماعية المناسبة لأداء تلك المهمة السامية، يجب أن لا يتعرض للتنكيل والتجريح والإساءة الشخصية والتي تصل في أحيان كثيرة إلى محاولة تشويه السمعة والمساس بها. وإزاء ذلك تقف التشريعات القانونية في كافة الدول موقف الحزم والردع من خلال تجريم أي فعل يشكل إهانة للقضاة أو للمؤسسة القضائية وفرض العقوبات المناسبة لمن يقترف مثل تلك الأفعال.
ولم تجرم التشريعات فعل إهانة القضاء لاعتبارات شخصية تتعلق بالقضاة، بل لاعتبارات تتعلق بحماية نظام العدالة وتوفير فرص أمثل للأمن القانوني في المجتمع من خلال ضمان استقلال القضاء والمحافظة على هيبته ومكانته في المجتمع، لأن أي إساءة وأي تجريح يتعرض له القاضي أو مؤسسته يتسبب في اهتزاز ثقة المواطنين في المؤسسة القضائية، وبالتالي يعرض نظام العدالة ككل لتصدعات خطيرة تنعكس على النظام القانوني بصورة كلية، وهذا هو السبب الموجب الذي يدفع التشريعات القانونية لتجريم فعل إهانة القضاء والإساءة للمؤسسة القضائية.
أما إذا كان هناك رأي مخالف لقرار أو حكم صدر من محكمة معينة، فإن طرق الطعن القانونية متاحة وحق النقد من خلال التعليق على الأحكام القضائية متاح أيضا، بعيدا عن المساس بشخوص من أصدروا تلك القرارات من القضاة بالإساءة الشخصية.