من الممكن أن تؤدي نتائج الانتخابات العامة التي تجرى في المملكة المتحدةفي 4 يوليو/تموز إلى قيام حكومة جديدة في لندن تتبنى نهجا مختلفا جذريا في سياستها تجاه الشرق الأوسط، وذلك في حال تحقيق "حزب العمال" نصرا انتخابيا في الاقتراع، كما تتوقع استطلاعات الرأي، ومجيء الزعيم اليساري ديفيد لامي في منصب وزير الخارجية البريطاني المقبل.
على مدار الـأعوام الاربعة عشرةالماضية، أعطت حكومات المحافظين الأولوية لبناء والحفاظ على علاقات قوية مع الحلفاء الإقليميين الرئيسين، بما في ذلك إسرائيل والشركاء العرب الراسخون مثل السعودية. بالإضافة إلى ذلك، منذ عام 2010، اتخذت الحكومات المحافظة باستمرار موقفا صارما ضد الجماعات الإسلامية المتطرفة مثل "حزب الله" و"حماس" و"داعش"، ولعبت المملكة المتحدة دورا كبيرا في الجهد العسكري الذي انتهى بهزيمة تنظيم "داعش" في سوريا، وقد صنفت كلا من "حزب الله" و"حماس" كمنظمتين إرهابيتين.
كما اتخذ المحافظون باستمرار موقفا متشددا من طموحات إيران النووية، وانتقدوا بانتظام الزعماء الدينيين الإيرانيين بشأن برنامجهم لتخصيب اليورانيوم. ولم تتوان الطائرات الحربية البريطانية مؤخرا عن عمل عسكري لإحباط الضربة الصاروخية والمسيّرات الإيرانية ضد إسرائيل في أبريل/نيسان الماضي، وكانت تلك سابقة في هذا الميدان.
غير أن هذه الركائز الأساسية للسياسة الخارجية البريطانية تجاه الشرق الأوسط ربما كانت على وشك ان تشهد تغييرا جذريا، إذا ما حقق ديفيد لامي، وزير خارجية حزب العمال البريطاني المعارض الرئيسي في حكومة الظل الحالية، طموحه القديم في أن يغدو وزير خارجية بريطانيا القادم إذا فاز حزب العمال في الانتخابات المقبلة، يوم الخميس.
إن الانتقال إلى مكتب وزير الخارجية الشهير المفروش بألواح خشب البلوط في الطابق الثالث من مبنى الخارجية والكومنولث والتنمية المطل على "وايتهول"، وتعيينه في إحدى وزارات الدولة الأربع الكبرى في الحكومة البريطانية، سيكون إنجازا مفصليا في مسيرته المهنية، بالنظر إلى بداياته المتواضعة.
ولد لامي عام 1972 في إحدى المناطق الفقيرة في لندن لأبوين غيانيين، والتحق بالمدارس الحكومية، فحقق نجاحا أكاديميا، ودرس القانون في جامعة لندن، ثم التحق بعدها بكلية الحقوق بجامعة هارفارد، ليصبح أول بريطاني من أصول أفريقية يفعل ذلك.
وبدأت المسيرة السياسية لديفيد لامي في عام 2000 عندما أصبح واحدا من أصغر نواب حزب العمال، ممثلا عن توتنهام. ومنذ ذلك الحين، شغل عدة مناصب وزارية في مجالات الصحة والتعليم والعدل والأعمال. وفي عام 2021، عينه زعيم "حزب العمال" كير ستارمر وزير الظل للشؤون الخارجية والكومنولث والتنمية. وفي حال فوز "حزب العمال" المتوقع في الانتخابات المرتقبة، فإن خبرة وإنجازات لامي ستؤهله ليصبح وزير الخارجية القادم.
وبرز لامي، وهو متزوج ولديه ثلاثة أطفال، لأول مرة، داخل حركة العمال، بفضل حملته التي ركزت على قضايا المساواة العرقية، وفي الماضي كان قريبا من التيار اليساري المتشدد داخل "حزب العمال"، مثل زعيم الحزب السابق جيريمي كوربن، وعمدة لندن السابق كين ليفينغستون.