لا يمكن التقليل من أهمية الانتخابات الرئاسية الإيرانية، ولكن لا يمكن أيضا المبالغة في أهميتها، ولاسيما بالنسبة إلى حجم تأثير الرئيس الفائز، والذي سيحكم لولاية من أربع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، في السياسات الداخلية والخارجية للنظام ما دام "المرشد" علي خامنئي هو من يرسم الخطوط العريضة لهذه السياسات التي يلتزم بها الرئيس وحكومته وإن كانت هويتهما السياسية، سواء كانا من الإصلاحيين أو الأصوليين، تؤثر إلى حدود معينة في شكل هذا الالتزام وأدائه وحدوده وخطابه وكذلك في التوازنات الداخلية بين أجنحة النظام.
مع العلم أن الربط الذي كان قد أقيم بين هذه الانتخابات المبكرة منذ الدعوة إليها بعد مصرع الرئيس السابق إبراهيم رئيسي بتحطم مروحيته فوق جبال أذربيجان، والصراع على خلافة "المرشد" البالغ من العمر 85 عاما، قد تراجع تدريجيا خلال الأسابيع الماضية بالنظر إلى عدم وجود شخص بين المرشحين مؤهل دينيا لخلافة خامنئي، كما أن حدود تأثير الرئيس المقبل على "معركة" الخلافة مبهمة وتكاد تكون معدومة بالنظر إلى واقع مراكز القوى داخل النظام.
هذا في مجمله يقلل من أهمية هذه الانتخابات، وفي المقابل فإن ما يزيد في أهميتها أنها تجرى قبل 4 أشهر من الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، وهو ما يطرح سؤالا رئيسا عن استراتيجية النواة الحاكمة في طهران للتعامل مع الرئيس الأميركي المقبل، وخصوصا مع وجود احتمال متقدم لوصول الرئيس السابق دونالد ترمب إلى البيت الأبيض والذي كان قد اعتمد خلال ولايته سياسة "الضغوط القصوى" على إيران وانسحب من الاتفاق النووي كما قتل الجنرال الإيراني الأشهر قاسم سليمان.