وطفت الانتقادات للحكومة من الغرف المغلقة إلى ساحات الفضاء الإلكتروني عبر منصات التواصل للتعبير عن الغضب، بعد سنة كاملة من تخفيف الأحمال ووضع جداول يومية بساعات الانقطاع، بدءا بساعة ثم زادت إلى ساعتين مطلع شهر أبريل/نيسان الماضي، إلى أن وصلت إلى ساعات عدة موزعة خلال اليوم، في وقت تقاسي بعض المحافظات درجات حرارة ملتهبة تجاوزت 50 درجة مئوية، وفي ظل صعوبة الأوضاع الاقتصادية وارتفاع تكلفة المعيشة على إثر الأزمات الحدودية والتوترات الإقليمية والأحداث الجيوسياسية التي طال أمدها. كذلك، توقفت بعض المصانع عن العمل بسبب نقص الغاز.
إقرأ أيضا: غاز شرق المتوسط على وقع حرب غزة
وكانت الدولة أعلنت مطلع 2022 نيتها تصدير الكهرباء لوجود فائض للإنتاج منها وسعيها لأن تكون مركزاً إقليمياً للتصدير إلى الخارج، مما أثار العديد من الأسئلة في الشارع المصري حول الفائض الذي أعلنته الدولة في كثير من المناسبات. وسيطرت حال من الامتعاض والغضب لتجاهل الحكومة الهدف الأسمى والأساسي لعملها حيال المواطنين، وهو الحفاظ على احتياجاتهم والتخفيف من معاناة شرائح المجتمع المصري كافة.
مصر من تصدير الغاز إلى استيراده
ورجح البعض أن تكون أسباب الأزمة ارتفاع الطلب على الكهرباء خلال فصول معينة أو نشاطات اقتصادية خاصة، أو نتيجة تغير المناخ وزيادة عدد السكان وزيادة كميات الكهرباء المسروقة، مما يشكل ضغطاً على انتظام واستدامة ما تتيحه إمكانات محطات التوليد الحالية، إضافة الى السبب الرئيسي وهو نقص الغاز والمحروقات، وهذا ما تعاني منه مصر الآن. إلا أن هناك من يرى أن أحد الأسباب يكمن في قلة الاستثمار في تحديث البنية التحتية وصيانتها، كون شبكة الكهرباء غير قادرة على تلبية الطلب المتزايد. وسارعت وزارة الكهرباء والطاقة المصرية إلى تبرير الأزمة في تصريحات سابقة عن خطتها لتخفيف الأحمال ولتوفير ما يصل إلى أكثر من 35 مليون دولار شهرياً. وتبنت الحكومة المصرية منذ قرابة السنة سياسة ترشيد الاستهلاك، والعودة إلى استخدام المازوت في محطات الكهرباء مطلع عام 2023.
كانت الحكومة المصرية تتطلع إلى تسريع الإنتاج من حقول الغاز المكتشفة في الآونة الأخيرة، خصوصا من حقل ظُهر البحري الذي اكتُشِف عام 2015 وكان يعد أكبر حقل غاز في البحر المتوسط وأحد أكبر اكتشافات الغاز العالمية في السنوات الأخيرة. وكانت مصر قد أبرمت عام 2018 اتفاقاً مع إسرائيل لاستيراد الغاز الطبيعي لمدة 10 سنوات، بقيمة إجمالية تبلغ 15 مليار دولار، واعتبر وقتها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مصر حققت هدفاً عقب الاتفاق وأنه نقلة جديدة في مجال الطاقة في مصر، بعد دخول حقل ظُهر مرحلة الإنتاج، وتغيرت وجهة مصر إلى دولة مصدرة للغاز، مع تطلعها إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي بحلول 2019.