"الداعشيات" التونسيات... كنز معلومات ومقاتلات خطيرات

قصص دم ودمار وضياع وتشتت محفورة في ذاكرة مئات العائلات

لينا جرادات
لينا جرادات

"الداعشيات" التونسيات... كنز معلومات ومقاتلات خطيرات

تقبع في السجون التونسية شخصيات سياسية وأمنية وقضائية كبرى كانت تقود الحكم خلال السنوات القليلة الماضية، قبل أن تصبح محل تتبع بتهم إرهابية خطيرة في قضية "التسفير إلى بؤر التوتر" وهي واحدة من أثقل القضايا التي فُتحت بعد خروج حركة "النهضة" من السلطة.

وتتضمن ملفاتها أكثر من 100 متهم وآلاف السماعات والشهادات والتسجيلات التي تعود إلى فترة تحولت فيها تونس إلى منصة لتصدير "الإرهابيين" وأيضا "الإرهابيات" من "جهاد النكاح" إلى لعب أدوار متقدمة في تنظيم "داعش" الإرهابي، ويبحثن اليوم عن "فرصة ثانية" لإعادة الاندماج في المجتمع، أو للعودة إلى الوطن بالنسبة إلى العالقات في الخارج. كما قد تكون الفرصة الثانية دموية لمجاهدات التنظيم المصنفات كخطر عابر للحدود والقارات.

تترقب عائلات تونسية كثيرة مآلات هذه القضية لارتباطها بملفات تتعلق بوضعيات "الداعشيات" العائدات أو العالقات في بؤر التوتر (العراق وليبيا وسوريا) وأطفالهن، وأيضا أرامل "المقاتلين" وأبنائهم. ويعول كثير منهم، حسب شهادات لـ"المجلة" على سردية قضائية تمنح صفة الضحايا لمن وقع "التغرير بهن واستغلالهن"، بما قد يفتح المجال للتأهيل المجتمعي لمواجهة الوصم بالإرهاب و"عار جهاد النكاح".

ولا تتوفر إحصائيات رسمية دقيقة عن عدد "المجاهدات" التونسيات في بؤر التوتر والصراع أو العائدات منها. وتؤكد السلطات التونسية على أن التعاطي معهن يتم "حالة بحالة" استنادا إلى التحقيقات والمعلومات الاستخباراتية والتعاون الدولي في مجال مكافحة الإرهاب. وإجمالا يكون مصير العائدات إما السجون وإما الرقابة الإدارية (لا تختلف كثيرا عن الإقامة الجبرية) حتى بالنسبة لمن أتممن عقوبة السجن.

مهما يكن من أمر، فإن "المجاهدات" التونسيات، هن كنز معلومات من منظور أمني وقضائي. وهن قصص دم ودمار وضياع وتشتت محفورة في ذاكرة مئات العائلات التونسية من منظور إنساني. فمنذ أشهر قليلة، مرت على السجاد الأحمر في أكبر مهرجانات السينما العالمية- في "كان" الفرنسية، وهوليوود الأميركية- السيدة "ألفة" المعروفة إعلاميا بوالدة "رحمة وغفران".

تحولت قصة "ألفة" إلى فيلم يحمل اسم "بنات ألفة" الذي يعتبر أول فيلم وثائقي يروي شجاعة استثنائية لأم تونسية، في كشف مخططات ابنتيها لتنفيذ عمليات إرهابية نوعية في تونس، بعد مبايعتهما تنظيم "داعش" وسفرهما إلى ليبيا. "ألفة" المحجبة والعاملة البسيطة، بادرت رغم التهديدات، بتسليم ابنتيها إلى الأمن وبفضح "تواطؤ" الأجهزة الأمنية والقضائية عندما قامت بالإفراج عنهما لتمكينهما من الالتحاق مجددا بهذا التنظيم. وقدمت "ألفة" معلومات دقيقة عن شبكات التسفير والتمويل والدعاية الإلكترونية والاستقطاب في المساجد وفي المخيمات الدعوية... وقد مثل صوت "ألفة" العالي آنذاك دفعا معنويا هاما للعائلات لكسر حاجز الخوف والخروج من حالة الإنكار.

لا تتوفر إحصائيات رسمية دقيقة عن عدد "المجاهدات" التونسيات في بؤر التوتر والصراع أو العائدات منها

كشفت قصة غفران ورحمة مختلف فروع الجهاد النسوي والأدوار الموكلة إلى "المجاهدات" التونسيات في تنظيم "داعش" الإرهابي من تونس إلى بلاد الشام... من مرحلة التسفير والتدريب وبناء التنظيم والترويج لـ"دولة الخلافة" إلى مرحلة التمدد الوحشي ثم الانهيار التدريجي.

 أب
قصر العدل في العاصمة التونسية في 29 يناير 2019

تتضارب الأرقام الرسمية حول أعداد "التونسيات" اللاتي التحقن بصفوف "داعش"، العدد لا يتجاوز 300 امرأة  التحقن حسب وزارة الداخلية ببؤر التوتر في سوريا والعراق وليبيا، 182 منهن في سوريا معدل أعمارهن بين 16 و45 سنة مقابل تأكيد وزيرة المرأة (عام 2017) أن 700 تونسية التحقن بتنظيمات إرهابية في سوريا فقط.

عابرات سرير

لم تشارك آمنة (اسم مستعار) في جنازة شقيقتها الكبرى، التي ووريت الثرى في محافظة تبعد عن منزل العائلة حوالي 200 كلم. يكشف الأخ وهو بمثابة أب لأخواته الأربع لـ"المجلة" أن الأخت الصغرى (35 سنة) تحاول العودة إلى حياتها الطبيعية وأنها لا تزال تتخوف من نظرة المجتمع السلبية. ويفسر بأن "زوج الأخت كان قد توجه قبل 11 سنة (2013) للقتال في سوريا. يقول المتحدث إن الأخت حاولت السفر إلى سوريا وأن الرحلة توقفت في تركيا ومنها عادت إلى تونس، وأن الزوج لم يرفع (أبدا) السلاح"، مضيفا بنبرة هادئة: "قضى عند عودته إلى تونس عقوبة السجن وهو محل مراقبة إدارية".
أصبحت آمنة منبوذة في محيطيها العائلي والشعبي لسببين، الأول تحميلها مسؤولية حرمان اثنين من العائلة (الأخ وزوج الأخت) من ترقيات في سلك الأمن، والثاني  بسبب وصم "جهاد النكاح" الذي ظل يلاحق كل من سافرت أو حتى حاولت السفر إلى العراق أو ليبيا أو سوريا.
منطلق ذلك، تصريحات صادمة لوزير الداخلية لطفي بن جدو، قدمها في جلسة بالبرلمان في سبتمبر/أيلول 2013، قال فيها إن "تونسيات سافرن إلى سوريا تحت اسم جهاد النكاح، عدن إلى تونس حوامل من أجانب يقاتلون الجيش النظامي، وأن هناك منهن من تداول عليهن جنسيا أكثر من 100 مقاتل".
قبل تلك الجلسة البرلمانية بأسبوعين (أغسطس/آب 2013)، تمت إقالة مفتي الديار التونسية عثمان بطيح (توفي في أكتوبر/تشرين الأول 2022) على خلفية تأكيده أنه وقع التغرير بـست عشرة فتاة تونسية من خلال تسفيرهن إلى سوريا لجهاد النكاح مع مقاتلي تنظيم "داعش" الارهابي.
خلال تلك الفترة، نشرت وسائل إعلام محلية تسريبات من تحقيقات أمنية لتونسيات عائدات من معسكرات التنظيم في سوريا وليبيا، وشاركن في "جهاد النكاح"، على غرار قصة "أم أسماء" وهي سيدة ثلاثينية وأم لطفلين سافرت مع زوجها التونسي إلى تركيا، ومنها إلى منطقة "أعزاز" في شمال سوريا ثم التحقا بتنظيم "داعش".

"أم أسماء" هي الحالة التي تحدث عنها وزير الداخلية  بالبرلمان، وهي من أكدت أنه كانت لها علاقات جنسية مع 100 مقاتل طيلة 27 يوما بعلم زوجها الذي التزم بـ"فتوى المصاحبة"...

نشرت وسائل إعلام محلية تسريبات من تحقيقات أمنية لتونسيات عائدات من معسكرات التنظيم في سوريا وليبيا، وشاركن في "جهاد النكاح"

يقول مصدر قريب من التحقيقات لـ"المجلة " إن "جهاد النكاح وفتوى المصاحبة ليسا إشاعة أو كذبة وربما كانت لهما تسميات أخرى، لكن بالنسبة لنا (الداخلية التونسية)، نملك ما يؤكد وجود استغلال جنسي واغتصاب النساء، وهذا ما أقرت به تونسيات عشن التجربة". وتابع مفسرا: "عدة معطيات تتحدث عن استقطاب ومحاولات استقطاب عاملات في الدعارة، فعلى سبيل المثال أحد أخطر الإرهابيين ممن قاتلوا ضمن تنظيم (القاعدة) في افغانستان (في تسعينات القرن الماضي) ثم في (جبهة النصرة) بسوريا، ثم بايع (داعش) وأشرف على معسكراته في ليبيا، له زوجة كانت بائعة هوى في ليبيا وهناك تم إيقافها في منزل".
تدعى هذه الزوجة إيمان المشري وتُقدم  في أبحاث أمنية كـ"عاهرة". وحسب تقرير أميركي، فقد تمت مصادرة مبلغ نصف مليون يورو عندما تم توقيفها في منزل بليبيا. وبحسب شهادة قدمتها إيمان المشري، وهي ضمن عشرات الشهادات الموثقة المقدمة في أشغال لجنة تحقيق برلمانية حول ملف التسفير بالبرلمان السابق (2014-2019)، فقد دام الزواج شهرا فقط التقت خلاله بزوجها "الإرهابي" ثلاث مرات دون أن يكون لها علم بانتمائه لتنظيم "داعش".
ولئن تقدم قصتها على أنها  قصة حزينة لباحثة عن "التوبة والاستقرار"، فإن إيمان نفسها أكدت صراحة أن الزواج "كان بهدف المال".
يتعلق الأمر بالإرهابي التونسي معز الفزاني والمصنف كأحد أخطر عناصر تنظيم "داعش" الإرهابي، والصادرة في شأنه أحكام بالسجن بتهم التخطيط لأكثر العمليات الإرهابية دموية في تونس على غرار عمليتي متحف باردو، ونُزل إمبريال سوسة (2015)، وهو متهم في ليبيا بعدة عمليات خطف، منها اختطاف أربعة إيطاليين والحصول على فدية 13 مليون يورو، حسب ما نقل تقرير أميركي عن المخابرات الليبية. 
هناك  عشرات القصص المشابهة  لقصة إيمان، ممن  استعملهن التنظيم الإرهابي للتمويه والتخفي والهروب من الأجهزة الأمنية وأيضا لاستغلالهن جنسيا بالتهديد والترغيب، في المدن والجبال، حيث يحدد لكل امرأة دورا بمقابل سخي.
ويقول المصدر لـ"المجلة": "زواج أحد زعماء التنظيم من بائعة هوى ليس حالة معزولة والهدف التمويه وتوظيفهن للقيام ببعض العمليات والحصول على معلومات". 
وشهدت تونس إثر الثورة (2011) عدة أحداث تنسب لمتشددين دينيا، منها حملات غلق مواخير، وهي أماكن مراقبة من الدولة، وتعرضت العاملات فيها إلى تعنيف وانتهى الأمر ببعضهن في ليبيا وسوريا في صفوف تنظيمات إرهابية.

 

الخطر الإرهابي

كان رئيس المخابرات التونسية كمال القيزاني هو الموفد الرسمي للدولة التونسية إلى الإمارات العربية المتحدة للتباحث حول قرار حظر الإمارات سفر الحاملات لجواز سفر تونسي على متن الطائرات التابعة لشركة "الإمارات" وهو قرار صدر في شهر ديسمبر/كانون الأول 2017، وشمل التونسيات من كل الأعمار. وأوضح آنذاك وزير الدولة للشؤون الخارجية أنور قرقاش أن "معلومة أمنية" هي التي فرضت اتخاذ هذا القرار.

تتضارب الأرقام الرسمية حول أعداد "التونسيات" اللاتي التحقن بصفوف "داعش"، العدد لا يتجاوز 300 امرأة التحقن حسب وزارة الداخلية ببؤر التوتر في سوريا والعراق وليبيا، 182 منهن في سوريا

فسرت الرئاسة التونسية عبر الناطقة الرسمية سعيدة قراش القرار الذي أثار حالة ارتباك بالقول: "سلطات الإمارات توصلت إلى معلومات أمنية مؤكدة حول احتمال قيام تونسيات أو نساء حاملات لجواز سفر تونسي بتنفيذ عمليات إرهابية على الأراضي الإماراتية".
مصدر رفيع المستوى أكد لـ"المجلة" أن السلطات التونسية قررت إيفاد مدير مخابراتها لتبادل المعطيات التي كانت تشير إلى وجود تهديدات بتنفيذ "مجاهدات" تونسيات عائدات من تنظيم "داعش" في سوريا، عمليات إرهابية في الإمارات. وفتح القرار الإماراتي، المجال لنقاشات حول الأدوار الأخرى للجهاديات التونسيات أو  "الداعشيات"، بعيدا عن "فتوى المصاحبة" وجهاد النكاح وقصص الإيقاع والتغرير.

أ ف ب
نساء قرب سياج مخيم الهول في سوريا في 11 اكتوبر 2023

من هذه الأدوار، تأسيس أم ريان التونسية "كتيبة الخنساء" التابعة لتنظيم "داعش" الإرهابي في سوريا، وهي كتيبة تضاهي "شرطة الأخلاق". واشتهرت الكتيبة، و"داعشياتها" اللاتي كن بالعشرات بوضع اللثام الأسود على وجهوهن والأسلحة، وببطشهن في معاقبة المخالفات وجلدهن، وامتدت الكتيبة لتصل إلى ليبيا. وتشرف أم حجر التونسية التي تصفها التقارير الأمنية بـ"المقاتلة الداعشية"، على تقديم دروس في الشريعة كما كلفت بتجنيد النساء.
وفي ليبيا، كانت التونسية رحمة الشيخاوي، وأم عمر التونسية، ممن تلقين تدريبات على استعمال الأسلحة الثقيلة، وعلى استخدام القنابل اليدوية وإعداد الأحزمة الناسفة. وضمت قائمة المتهمين في عمليتي سوسة ومتحف باردو ثلاث "داعشيات". واعتقلت القوات الأمنية اكثر من 100 امرأة على خلفية جرائم لها علاقة بالإرهاب.
ومن بين هذه الجرائم غسل الأموال والرصد وجلب السلاح والتدريب على استخدامه وإخفائه ومواجهة القوات الأمنية والتدرب على استعمال الأطفال كدروع بشرية والدعاية الإلكترونية والتجسس والاختراق والاستقطاب والإسناد اللوجستي. 
وقد كشفت الأبحاث القضائية أدوارا متقدمة لـ"داعشيات" في التخطيط أو تنفيذ عمليات إرهابية  على غرار منى قبلة التي تعد أول امرأة تونسية تقوم بعملية انتحارية بحزام ناسف تقليدي الصنع. ولم تكن هذه الانتحارية معروفة لدى الأجهزة الأمنية. وبينت التحقيقات أنها تلقت تدريبات في تصنيع المتفجرات والعبوات والأحزمة الناسفة عبر منصات "السوشيال ميديا"  مع قيادات من تنظيم "داعش" خارج تونس وداخلها. 
وأكد أحد القيادات الأمنية التونسية لـ"المجلة" أنه حرص شخصيا على الحضور عند استنطاق طالبة الطب فاطمة الزواغي (موقوفة منذ عام 2014) التي تحولت إلى زعيمة الجناح الإعلامي لتنظيم "أنصار الشريعة".

وتابع: "كنت حاضرا في أول استنطاق امتد لساعات كانت خلاله فاطمة الزواغي على درجة كبيرة من الذكاء وكانت لي فكرة قبل الحضور بخصوص خلفيات استقطابها التي كانت تتمثل بالنسبة لي في حاجة التنظيم إلى مختصين في الطب والتمريض لكنني اكتشفت أن هذه الشابة العشرينية تحمل فكرا متطرفا ولها جاهزية للقيام بأخطر العمليات الإرهابية".

كشفت الأبحاث القضائية أدوارا متقدمة لـ"داعشيات" في التخطيط أو التنفيذ لعمليات إرهابية على غرار منى قبلة التي تعد أول امرأة تونسية تقوم بعملية انتحارية بحزام ناسف تقليدي الصنع

وأضاف: "كانت فاطمة الزواغي على اتصال بأبرز القيادات الإرهابية في تنظيم (أنصار الشريعة) و(القاعدة بالمغرب العربي) وايضا تنظيم (داعش). ولو لم يتم توقيفها لكانت بلا شك واحدة من أخطر عناصر التنظيم".

هول مخيم الهول

لا يزال ملف الجهاد النسائي مطروحا حتى اليوم على أكثر من صعيد، لدى الأجهزة الأمنية والقضائية، وفي دراسات وتقارير وكتب وأفلام ومسلسلات عما لحق بالبلاد والعائلات من أثر لن يمحى من هذه الظاهرة. وهو أيضا ملف إنساني حقوقي تدفع جمعيات ومنظمات لحسن إدارته خصوصا أن السلطات كانت قد أقرت منذ عام 2018 استراتيجية شاملة لمقاومة الإرهاب تشمل العائدين من بؤر التوتر. 
تسلط الأضواء على وضعيات المجاهدات التونسيات العالقات في مخيم الهول بريف الحسكة  بالقرب من الحدود السورية والعراقية. هذا المخيم الذي يضم آلاف الأشخاص من تنظيم "داعش" من 60  جنسية أغلبهم من النساء والأطفال، يقبعون تحت حراسة الإدارة الذاتية لشمال سوريا وشرقها.

رويترز
"جهاديات" مع اطفالهن في مؤسسة الاصلاح والتأهيل في العاصمة الليبية طرابلس

يوجد في هذا المخيم تونسيات وأبناؤهن، ويحذر تقرير لمركز "كارنيغي للسلام" من أن هذا المخيم يمثل تهديدا أمنيا بسبب حالات تصفيات وقتل تجاوزت في شهرين خلال عام 2022، نحو 24 حالة. ويبرز التقرير أن سبب هذه الحالات "التطرف الأيديولوجي لأكثر من 8000 جهادية ما زلن متمسكات بفكر التنظيم المتطرف".
وما من شك في أن بينهن تونسيات. حيث كشف وثائقي لقناة "دويتشه فيله" الألمانية (عام 2022)، كيف ردت جهادية تونسية بشكل عنيف على سؤال وجه إلى مجموعة من المجاهدات عن عدد زيجاتهن منذ التحاقهن بالتنظيم، وقالت: "إنه نكاح وليس زنا".
وتشكل التونسيات الحاملات لهذا الفكر والباحثات عن فرصة ثانية دموية، خطرا عابرا للحدود والقارات مثلما نبه إلى ذلك خبراء... وأشار تقرير "كارنيغي" إلى أن مجاهدات داخل المخيم  يقمن بـ"تنفيذ العقاب المناسب لكل من يقررن الابتعاد عن عقيدة التنظيم"، وهن الجهاديات الباحثات عن الهروب من المخيم.
وحسب شهاداتهن، فقد قطعن مع أفكار التنظيم لأسباب متعددة، منها: "إنقاذ الأبناء من مصير الآباء"، و زيف "دولة الخلافة والإسلام"، على غرار التونسية خديجة العمري التي أصبحت تصف قيادات التنظيم بـ"الكفار"، وكانت شاهدة على فظاعات جرائمه الوحشية، مثل فصل رأس أبو البراء التونسي، وتعليقه على "دوار النعيم"، وإقدام أبو مصعب على تفجير نفسه وابنه بحزام ناسف.
لكن الهروب من هذا الجحيم ليس بالأمر الهين بسبب رقابة وبطش "المجاهدات المرابطات" حارسات ما تبقى من التنظيم، والطوق الأمني المشدد من جهة والتكلفة الخيالية لعمليات الهروب التي تصل إلى أخذ "كل المال والذهب" من جهة أخرى.

الهروب من هذا الجحيم ليس بالأمر الهين بسبب رقابة وبطش "المجاهدات المرابطات" حارسات ما تبقى من التنظيم

وحيدة رابحي تونسية تقدم نفسها باسم أم البراء، روت في فيديو يبدو أنه لصفحات قريبة من الجهاز الأمني المكلف بحراسة المخيم، كيف حاولت الهرب. وحسب روايتها فقد طلب منها مهربون 20 ألف دولار. وقالت إن عائلتها في تونس قامت بتوفير المبلغ وأنها قررت في الأخير البقاء في المخيم بسبب شكوك حول مسلك المرور نحو تركيا.
وتحاول العائلات في تونس، الضغط حتى تتدخل الدولة لإعادة "الداعشيات" وأبنائهن إلى تونس. ويفسر مصدر مطلع على هذا الملف لـ"المجلة": "المسألة معقدة وتتطلب تحاليل جينية بالنسبة للأطفال. هذا ينطبق على العالقين في ليبيا، لكن الأمر يختلف بالنسبة للعالقين في سوريا فالدولة التونسية لن تتفاوض مع جهات غير رسمية، كما أن عودة العلاقات مع سوريا تعني أن أي قرارات بخصوص "الداعشيات" وغيره من الملفات المرتبطة بالتسفير ستكون بين الدولتين لا غير". 

font change

مقالات ذات صلة