واشنطن - قبل عشر سنوات، كان المتشددون يجتاحون سوريا والعراق، وكان أبو بكر البغدادي، زعيم ما يسمى "تنظيم الدولة الإسلامية"، يسيطر على منطقة بحجم المملكة المتحدة. بل إنه ظهر في مناسبة نادرة، ليعلن من الموصل "إنشاء دولة الخلافة" المزعومة، مطالبا المسلمين في جميع أنحاء العالم بمبايعته والخضوع لسلطته.
ورغم أن كلا من الإعلان والدعوة إلى الدعم لم يكونا يحملان أي مظهر من مظاهر الشرعية، فإن تصرفات "داعش" كانت غير مسبوقة، وأثبتت أنها منهكة للأمن الدولي.
وبينما كان مقاتلوه يذبحون الآلاف في العراق وسوريا ويفرضون حكمه القادم من العصور الوسطى على الملايين، كان "داعش" يعمل جاهدا ليقضي على الأقلية الإيزيدية في شمال العراق، ويقطع رؤوس الرهائن الغربيين علنا في مقاطع فيديو عالية الدقة.
كان حجم المكاسب الإقليمية التي حققها تنظيم "داعش"، والوحشية الصادمة للعنف الذي يمارسه، وادعاؤه إنشاء كيان أشبه بالدولة، سببا في اندلاع أكبر حركة عالمية مسجلة. وفي نهاية المطاف، وصل أكثر من 50 ألف شخص من أكثر من 110 دول حول العالم للانضمام إلى "داعش" في سوريا والعراق. وكان يمكن لمس التأثيرات المتتابعة على نطاق واسع، حيث تدفقت الجماعات الإرهابية في جميع أنحاء أفريقيا والشرق الأوسط وآسيا للانضمام إلى قضية "داعش"، لتشكل ولايات ضمن مشروع "الخلافة" الخاص بالجماعة.
لقد وصل تنظيم "داعش" قبل عشر سنوات من اليوم إلى مكانة متقدمة، وكان يتمتع بشعور عال من الزخم، سوى أن ذلك لم يدم طويلا. ففي غضون أسابيع، بدأت الولايات المتحدة التدخل عسكريا في العراق وسوريا، وقامت بتعبئة تحالف دولي غير مسبوق يضم عشرات الدول المكرسة لمكافحة تهديد "داعش" وإلحاق هزيمة محققة به.
وخصص هذا التحالف، الذي ضم في النهاية 87 دولة، الموارد اللازمة لمحاربة "داعش" على الأرض، مع مكافحة تمويل الجماعة ودعايتها وتجنيدها دوليا، فضلا عن دعم استقرار المناطق المحررة من حكمها الإرهابي. ومع بدء هذه الجهود والعمل على تقليص نفوذ "داعش" في العراق وسوريا، ألهمت المجموعة ونسقت حملة عالمية من الهجمات الإرهابية التي أسفرت عن مقتل الآلاف، وانتشر ضحاياها في جميع القارات ما خلا القارة القطبية الجنوبية.