قادة "ديمقراطيون" بعد المناظرة... آن أوان خروج بايدن

بعد ادائه المتعثر في المناظرة مع ترمب

أ ف ب
أ ف ب
السيدة الاميركية الاولى جيل بايدن تخرج برفقة الرئيس جو بايدن بعد انتهاء المناظرة التلفزيونية الاولى مع المرشح الجمهوري دونالد ترمب في مدينة اتلنتا في 27 يونيو

قادة "ديمقراطيون" بعد المناظرة... آن أوان خروج بايدن

لن يؤدي الأداء الكارثي للرئيس الأميركي جو بايدن في أول مناظرة متلفزة بينه وبين الرئيس السابق دونالد ترمب إلا إلى تعميق المخاوف بشأن مدى لياقته لقيادة قوة عظمى كبرى، خاصة مع بلوغه 81 عاما.

وتزايدت التساؤلات حول الصفات القيادية لبايدن في الأشهر الأخيرة، حيث ارتكب الرئيس عددا من الزلات، مثل الخلط بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وسلفه المتوفى منذ فترة طويلة، فرانسوا ميتران.

كما خضع حكمه للتدقيق بسبب طريقة تعامله مع الصراعات في كل من أوكرانيا وغزة، وتردده المستمر بشأن القضايا الرئيسة، مثل دعم الحملة العسكرية الأوكرانية ضد روسيا.

وفي الآونة الأخيرة، أدى فشله في تنفيذ وقف إطلاق النار في غزة، بعد استثمار الكثير من رأس المال السياسي في تأمين اتفاق بين إسرائيل و"حماس"، إلى إضعاف مكانته على الساحة العالمية بشدة، وما سيترتب على ذلك من آثار سلبية على مكانة أميركا في العالم.

والآن، بعد الأداء المتعثر لبايدن في المناظرة المتلفزة على شبكة "سي إن إن" مع ترمب مساء الخميس، تزايدت الدعوات التي تطالب الرئيس الأميركي بالانسحاب من الانتخابات الرئاسية المزمع عقدها في نوفمبر/تشرين الثاني بسبب افتقاره للقوة البدنية والحدة العقلية اللازمة لمواصلة القيام بدوره كرئيس. فمنذ اللحظة التي صعد فيها بايدن إلى المسرح، بدا هرما ومرتبكا. وتحدث في معظم المناظرة بصوت هادئ وأجش، متعثرا في كلماته، بينما بدت بعض إجاباته غير متناسقة على الإطلاق.

كما بدا طوال المناظرة وكأنه يعاني من صعوبة في الإجابة على الأسئلة المتعلقة بالسياسة، وغالبا ما كان يتوقف في منتصف الجملة.

ويمكن أن تكون اللحظة الأكثر إحراجا بالنسبة للرئيس هي فقدانه لتسلسل أفكاره أثناء مناقشة الرعاية الصحية. ودفع أداؤه المتعثر ترمب إلى التعليق على بايدن في مرحلة ما بالقول: "إنه ليس مؤهلا ليكون رئيسا. أنتم وأنا نعرف ذلك جيدا".

وأظهر استطلاع للرأي نشرته شبكة "سي إن إن" التي استضافت المناظرة في أتلانتا، بعد المناظرة، أن 67 في المئة من المشاهدين اعتقدوا أن ترمب فاز بالمناظرة، مقارنة بـ55 في المئة كانوا يعتقدون ذلك قبل بدايتها.

يمكن أن تكون اللحظة الأكثر إحراجا بالنسبة للرئيس هي فقدانه لتسلسل أفكاره أثناء مناقشة الرعاية الصحية

وفي محاولة للحد من الأضرار، أفاد البيت الأبيض بأن أداء بايدن الضعيف في المناظرة يرجع إلى حقيقة أنه كان يعاني من نزلة برد.

وفي حين كان النشطاء الجمهوريون سعداء بأداء بايدن المتعثر والذي بدا وكأنه يؤكد ادعاءاتهم بأنه عجوز وضعيف للغاية بحيث لا يمكنه الاستمرار في منصبه كرئيس، أثار ذلك فزعا داخل دوائر الحزب الديمقراطي، حيث أدرك كبار الديمقراطيين الآن أنهم قد تورطوا باختيار مرشح ضعيف جدا للمشاركة في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني القادم.

وبدت الفوضى في صفوف الديمقراطيين بشأن بايدن واضحة أثناء مناقشات "لجنة ما بعد المناظرة" في شبكة "سي إن إن" والتي ذكرت أن كبار الديمقراطيين يشعرون بـ"ذعر شديد" بسبب الضعف الواضح لزعيم حزبهم.

وتفاقم القلق داخل الأوساط الديمقراطية بشأن أداء الرئيس، بعد معرفتهم أن بايدن هو من كان وراء قرار إجراء المناظرة في وقت مبكر جدا خلال الدورة الانتخابية، بعد أن نشر مقطع فيديو على موقع "X" يسخر فيه من ترمب ويتحداه لإجراء مناظرة معه.

وفي أعقاب المناظرة مباشرة، دافع كبار الديمقراطيين عن أداء بايدن، وظهرت نائبة الرئيس كامالا هاريس التي يمكن أن تخلف بايدن في حال موافقته على التنحي، حيث علقت قائلة: "لن أقضي الليل كله في مناقشة آخر 90 دقيقة، بينما كنت أشاهد أداءه على مدار آخر ثلاث سنوات ونصف السنة".

ولم يفت حجم الكارثة نجوم الحملات الديمقراطية البارزين مثل ديفيد بلوف، الذي عمل في حملة الرئيس السابق باراك أوباما عام 2008. حيث وصف بلوف أداء بايدن بأنه "لحظة استعداد دفاعية للديمقراطيين"، في إشارة إلى أعلى مستويات الإنذار في الجيش الأميركي.

وكان هذا أيضا رأي ديفيد أكسلرود، وهو خبير استراتيجي آخر عمل لدى إدارة أوباما. حيث حذر قائلا: "أعتقد أن بعض المناقشات التي ستجرى لن تؤدي إلى أي شيء، ولكن سيكون هناك الكثير من النقاشات حول ما إذا كان ينبغي له الاستمرار".

وأكدت صحيفة "نيويورك تايمز" الداعمة للديمقراطيين، الدلائل على تراجع الدعم لحملة بايدن، حيث ذكرت أن مجموعة من كبار أعضاء الكونغرس الديمقراطيين كانوا يناقشون بالفعل الحاجة إلى تقديم مرشح رئاسي جديد بعد مشاهدة أداء بايدن "الكارثي".

كما أن هناك بعض التخمينات بوجود محاولات لإقناع غافن نيوسوم، حاكم ولاية كاليفورنيا الذي يتمتع بشعبية كبيرة، بالتدخل، على الرغم من أن نيوسوم نفسه رفض الاقتراح ووصفه بأنه "هزلي".

والتحدي الذي يواجهه الآن كبار وسطاء السلطة من الديمقراطيين هو تقرير ما إذا كانوا سيقفون إلى جانب رجلهم أم إنهم سيطلقون حملة مكثفة لإقناعه بالتنحي، وهو قرار لا يمكن لأحد اتخاذه سوى بايدن وزوجته المخلصة جيل.

وبالرغم من أنه سيكون من الصعب على الديمقراطيين استبدال بايدن في هذه المرحلة المتأخرة من الحملة إذا وافق على التنحي، إلا أنه لا يزال هناك وقت للحزب لاختيار مرشح جديد قبل انعقاد مؤتمره في شيكاغو أواخر أغسطس/آب المقبل.

ولكن بعد المناظرة، هناك شيء واحد مؤكد: إذا لم يتمكن بايدن من إيجاد طريقة لتنشيط أدائه وحملته، فإن احتمال عودة ترمب- المجرم المدان- إلى البيت الأبيض يزداد قوة يوما بعد يوم.
 

font change

مقالات ذات صلة