في"الجريمة والعقاب"يتصور سفيدريجايلوف في حديثه مع راسكولنيكوف، الأبدية بوصفها حجرة مليئة بالدخان والعناكب، بينما كل ما هو أدبي وفني، يميل عموما في تصور الأبدية بالاتساع والرحابة اللانهائية، والمنافسة الأدبية تكون بشكل ما في نعومة الانتقال من الزمني المحدود إلى الأبدي غير المحدود. هناك تفسير لتصور سفيدريجايلوف هذا عن الأبدية، ينبع من أدب دوستويفسكي ذاته، وهو يرجع إلى المساحات الضيقة التي تتحرك فيها شخصياته، ففي مربّع سكني محدود، تعيش المرابية وشقيقتها غير بعيد من بيت مارميلادوف، وغرفة رسكولنيكوف، وقسم الشرطة، وبيت رازوميخين صديق راسكولنيكوف. ضيق الحيّز المكاني يحقق لدوستويفسكي أكبر قدر ممكن من الصدام الدرامي. يقول سفيدريجايلوف في نهاية حديثه مع راسكولنيكوف:هل تعلم أنني أسكن قريبا جدا منك.
تذكر ليزا كناب في كتابها "أبله دوستويفسكي" (1998)، أنه بسبب الديون كان هروب فيودور دوستويفسكي، هو وزوجته الشابة آنا غريغوريفنا، من بطرسبورغ في يوم الجمعة العظيمة من عام 1867، حتميا. كان الترتيب لقضاء بضعة أشهر في أوروبا، لكنهما لم يعودا إلا في عام 1871. دوستويفسكي يعيل بافيل الخامل المراهق ابن زوجته الأولى التي ماتت بالسل، ويعيل أيضا زوجة أخيه ميخائيل المتوفى فى 1864، وأبناءها، ويضيف ديون عائلة أخيه إلى ديونه، ويتعهد للدائنين بالسداد، ومؤقتا يُعرّض دوستويفسكي نفسه للشفقة والإهانة والمذلة. تعاني آنا غريغوريفنا في سويسرا من هجمات القمار والصرع وتدفق رواية "الأبله" على زوجها.
المثال الأعلى
كان رأي توماس مان في روايات دوستويفسكي كما أورده جورج ستاينر في كتابه "بين تولستوي ودوستويفسكي" (1995)، أنها "إنتاج حيوي، متدفق، زائد، قابل للانفجار في كل لحظاته دون تمهيد، هي روايات تفضح فائض الصحة الهائلة عند دوستويفسكي، وذلك بمفارقة تطويع المرض لأهداف أخرى".