ماذا يمكن أن تتعلم أفريقيا "المستضعفة" من صعود الصين

رأس المال البشري للقارة هو أعظم مواردها... والاستثمار في التعليم بوابة الحلول

Shutterstock
Shutterstock

ماذا يمكن أن تتعلم أفريقيا "المستضعفة" من صعود الصين

لم ينضم أي بلد في قارة أفريقيا إلى النادي الحصري لأغنى دول العالم مذ اجتاحت موجة الاستقلال الكبيرة عن الحكم الأوروبي القارة في سنة 1960.

لا تنفرد أفريقيا في هذا الصدد. فمنذ الحرب العالمية الثانية، كانت غالبية الدول التي ارتقت إلى مرتبة الثراء هي من الدول الأوروبية التي استفادت من خطة مارشال، والمستعمرات الاستيطانية الغربية مثل أوستراليا ونيوزيلندا، وحفنة قليلة من دول آسيا المطلة على المحيط الهادئ. ثمة استثناءات قليلة ومختارة وهي دول تمتلك ثروات هائلة من النفط والغاز.

مع ذلك، تهيمن أفريقيا على قوائم أفقر دول العالم. لو أن الثروة الطبيعية وحدها تنبئ بالنجاح الاقتصادي، لكانت عدة دول أفريقية - بعضها من بين أسوأ الدول أداء في العالم، مثل جمهورية الكونغو الديمقراطية وغينيا – في عداد المجتمعات ذات الدخل المتوسط الأعلى أو ربما في عداد عالم الدول الغنية اليوم. لكننا نجد بدلا من ذلك بعض النجاحات المتواضعة: نحو أربع وعشرين دولة ذات دخل متوسط أدنى وعدد قليل من الدول ذات الدخل المتوسط الأعلى، مثل بوتسوانا وناميبيا.

سقط السودان في أتون حرب أهلية كارثية، أدت إلى مجاعة ونزوح 10 ملايين لاجئ ووقوع أعداد لا تحصى من الضحايا من دون أن تحظى باهتمام يذكر من العالم

الأداء الاقتصادي ليس المقياس الوحيد الذي تشغل فيه أفريقيا المراتب الأخيرة في الغالب. فقد بدا لي دائما، بصفتي ممن يكتبون منذ فترة طويلة عن أفريقيا، أنها القارة التي يعيرها ما تبقى من العالم أقل قدر من الاهتمام. وينطبق ذلك على الاستثمار الأجنبي بقدر ما ينطبق على المشاركة السياسية والجهود الديبلوماسية في إدارة الأزمات. والحال مماثلة أيضاً بالنسبة الى التغطية الصحافية. على سبيل المثل، سقط السودان في أتون حرب أهلية كارثية في العام الماضي، مما أدى إلى حدوث مجاعة ونزوح 10 ملايين لاجئ ووقوع أعداد لا تحصى من الضحايا من دون أن تحظى باهتمام يذكر من العالم.

أكبر تجمع للشباب في العالم

أيا كان مقدار الإهمال، فإن تسهيل النهوض الاقتصادي لأفريقيا هو أحد أكبر التحديات في هذا القرن. فستصبح أفريقيا في العقود المقبلة المكان الذي سيستأثر بمعظم النمو السكاني العالمي. وستضم أكبر تجمع للقوى العاملة الشابة في العالم، في عصر تسارع الشيخوخة في العديد من المجتمعات الغنية. وسيكون لقدرة القارة على بناء طبقات وسطى قوية دور كبير في تحديد حجم الأسواق الاستهلاكية العالمية. فإذا لم تنمُ الطبقات الوسطى في أفريقيا، فستصبح القارة مصدرا أكبر للهجرة الدولية وما يرافقها من ذعر في الغرب. كما أن تحقيق الأهداف العالمية للمناخ سيتطلب إيجاد طريقة لإنتاج مزيد من الطاقة لشعوب أفريقيا دون إطلاق الكربون بقدر ما يطلق في الغرب، أو في الصين والهند في الآونة الأخيرة. اليوم، في أنحاء عديدة من القارة، يقل متوسط ما يستهلكه الأفراد من كهرباء في السنة كثيرا عما تستهلكه ثلاجة أميركية نموذجية.

يمكن أن يعزى سبب جانب كبير من الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها أفريقيا إلى التأثيرات الخارجية المدمرة. تتراوح تلك التأثيرات من تاريخ طويل ومأسوي للغاية من الاستغلال والإخضاع، الذي مارسه الأوروبيون في الغالب خلال قرون من تجارة الرقيق، حيث نقل نحو 12 مليون شخص من أفريقيا ليصبحوا وقودا لخلق الثروة الغربية. وكتابي الأخير، "ولدوا سودا: أفريقيا، والأفارقة، وصنع العالم الحديث، من سنة 1471 إلى الحرب العالمية الثانية" (Born in Blackness: Africa, Africans, and the Making of the Modern World, 1471 to the Second World War)، يركز على هذا التاريخ، الذي لا يزال يساء فهم أهميته لبروز الغرب ويقلل كثيرا من شأنه.

ثمة تيار مأسوي عميق آخر يتدفق عبر استيلاء أوروبا على أفريقيا بأكملها في أواخر القرن التاسع عشر وفترة الاستعمار اللاحقة القصيرة نسبيا، وهي موضوع كتابي المقبل. في تلك الفترة، ركزت أوروبا على الاستخراج. لكنها لم تكتف بالموارد الطبيعية مثل المطاط والكاكاو والمعادن الثمينة، بل استخرجت العمالة الأفريقية على نطاق واسع أيضا. وتدرك قلة قليلة في الغرب أن ذلك عنى إجبار الناس على العمل في ظروف شبيهة بالعبودية تقريبا حتى بعد الحرب العالمية الثانية واستخدام أعداد كبيرة من الأفارقة للقتال في حروب أوروبا أو للعمل في أدوار إمداد شبيهة بما تقوم به حيوانات الحمل.

أسهمت عوامل خارجية أخرى، منذ حقبة استقلال أفريقيا، في فشل الانطلاق الاقتصادي للقارة. ومن هذه العوامل صعود الصين في العقود الأربعة الماضية

أسهمت عوامل خارجية أخرى، منذ حقبة استقلال أفريقيا، في فشل الانطلاق الاقتصادي للقارة. ومن هذه العوامل صعود الصين في العقود الأربعة الماضية. فقد تمكنت الصين من تحقيق التصنيع على نطاق واسع، وبقوة عاملة رخيصة في البداية، فلم يتمكن إلا قليل من البلدان الأخرى التي تسمى متخلفة من الارتقاء في أعقاب ذلك. وقد تعثرت أفريقيا كثيرا في هذا الصدد بانقسامها الشديد إلى 54 دولة صغيرة لا منفذ لها على البحر في الغالب – وذلك إرث خلفه الاستعمار.

لكن ما أود التركيز عليه في ما تبقى من هذه المقالة، هو العوائق الداخلية التي تواجهها أفريقيا (أقول "داخلية" مع أنني أدرك تماما أنه لا يمكن النظر في أي دولة خارج تاريخها). على الدول الأفريقية معالجة هذه المشكلات إذا رغبت في إيجاد طريق نحو تحقيق مزيد من الازدهار. وربما يكون من المفارقات أن تقدم كتابات ثلاثة علماء، تتطرق أعمالهم قليلا إلى القارة أو لا تذكرها على الإطلاق، فهما عميقا للطبيعة الفريدة للمشكلات الداخلية القائمة حاليا في أفريقيا والطرق التي تمكن القارة من إحداث تحول في واقعها الاقتصادي.

.أ.ب
رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا يهدي إلى الرئيس الصيني شي جينغ بينغ قلادة خلال قمة "بريكس" في جنوب أفريقيا، في أغسطس 2023.

الخروج من الفقر مشروع أجيال

يورد كتاب وانغ فانغ، "عصر الوفرة في الصين: الأصول والصعود والعواقب" (China's Age of Abundance: Origins, Ascendance, and Aftermath)، الذي راجعته أخيرا، مادة رائعة للتفكير في مشكلات أفريقيا. ويقدم وانغ، عالم الاجتماع في جامعة كاليفورنيا، إيرفين، في كتابه حججا غير مباشرة بأن نجاح الصين الهائل في تحقيق الازدهار بين عامي 1979 و2019 يعود إلى الاستقرار السياسي الشديد واتساق برنامجها للتنمية الاقتصادية. ويعزى ذلك إلى حد كبير إلى أن القائدين اللذين خلفا الزعيم المحنك وداعية الإصلاح الخبير دنغ شياو بنغ اتبعا عن كثب خريطة الطريق التي رسمها.

الخروج من الفقر مشروع أجيال وليس مهمة قائد واحد، حتى لو امتد حكمه طويلا. وتفتقر أفريقيا بالضبط إلى هذا النوع من الاتساق عبر الأجيال، إلى جانب عيوبها العديدة الأخرى. فقد عانت معظم دولها من الخضوع لحكام مستبدين تولوا السلطة مدة طويلة وأعاقوا قواعد الحكم المستقرة وبناء المؤسسات، أو تعرضت للدمار بسبب عدم الاستقرار، الذي اتخذ عادة شكل انقلابات يليها حكم عسكري.

إن أولى أولويات من يستولون على السلطة أو يتولونها في الدول الضعيفة والمتخلفة هي تجنب أعمال الشغب المتعلقة بالغذاء، أو أي هجوم آخر على رموز السيادة الظاهرة في العاصمة

جيمس برادفورد ديلونغ، خبير اقتصادي في جامعة كاليفورنيا

في كتاب "التقدم على مهل نحو الطوباوية: التاريخ الاقتصادي للقرن العشرين" (Slouching Towards Utopia: An Economic History of the Twentieth Century)، يتحدث جيمس برادفورد ديلونغ، الخبير الاقتصادي في جامعة كاليفورنيا، بيركلي، ببلاغة عن تكاليف حكومات الأبواب الدوارة. وبالاستناد إلى أفكار نيكولو مكيافيلي، يرى ديلونغ أن أولى أولويات من يستولون على السلطة أو يتولونها في الدول الضعيفة والمتخلفة هي تجنب أعمال الشغب المتعلقة بالغذاء أو أي هجوم آخر على رموز السيادة الظاهرة في العاصمة. على سبيل المثل، غالبا ما تسقط الحكومات الضعيفة بعد الاستيلاء على محطة التلفزة الوطنية أو القصر الرئاسي. ويشير إلى أن أولويتهم الثانية الحفاظ على رضا الجيش من طريق شراء ولائه بانتظام الرواتب والترقيات والمكافآت، إلى جانب منظومات الأسلحة الجديدة والزي الرسمي والمعدات الأخرى. ويأتي في المرتبة الثالثة الحفاظ على هدوء الموظفين الحكوميين والطبقة السياسية، من طريق الحوافز المالية وإثارة الاضطراب في المعارضة في الغالب.

توجد قناعة لدى معظم القادة بحكم طبيعتهم بأنهم الأفضل لتولي المنصب. بل إن بعضهم تحدوه آمال حقيقية في تطوير بلدانهم وضمان مزيد من الازدهار للشعب. لكن ذلك، كما يكتب ديلونغ، يأتي في مرتبة متأخرة في قائمة الأولويات: "لا تجري النقاشات في شأن سياسة التنمية إلا بعد تأمين كرسي الحكم. لكن السعي للحفاظ على السلطة يستغرق دائما كل وقت الحكام وطاقتهم ومواردهم. وغالبا ما يكون متوسط عمر الحكومة قصيرا جدا بحيث لا يمكن أن يتوقع أي مؤرخ ناقد معقول أن تركز على التنمية الاقتصادية على المدى الطويل".

"عدم المساواة العالمية: نهج جديد لعصر العولمة"

مع أن ديلونغ لا يركز حصريا على أفريقيا، فإن هذه الاتجاهات تظهر بوضوح حاليا في المنطقة الأقل استقرارا في أفريقيا، أي الحزام العريض من الدول الممتدة جنوب الصحراء الكبرى، وهو المعروف باسم الساحل، وقد شهد ثمانية انقلابات ناجحة منذ سنة 2020.

للمزيد إقرأ: أفريقيا... "فاغنر" و"الكعكة الصفراء"

غلاف كتاب "عدم المساواة العالمية: نهج جديد لعصر العولمة"، تأليف الاقتصادي برانكو ميلانوفيتش من جامعة مدينة نيويورك.

وفي كتاب "عدم المساواة العالمية: نهج جديد لعصر العولمة" (Global Inequality: A New Approach for the Age of Globalization)، يتناول الاقتصادي المتميز برانكو ميلانوفيتش من جامعة مدينة نيويورك لغز فشل أفريقيا في الانطلاق بعيدا. فبعد تحقيق أداء جيد في ستينات وسبعينات القرن العشرين، شهدت القارة انتكاسة اقتصادية هائلة في التسعينات، وهو عقد توقف فيه النمو تقريبا في العديد من الدول الأفريقية بل انعكس في بعضها في الواقع. وفي سنة 2000، كما يشير الكاتب، طرأ انخفاض كارثي على نصيب الفرد الحقيقي من الناتج المحلي الإجمالي للقارة إلى ما دون 20 في المئة من مستواه في سنة 1980.

بعد 13 عاما فقط، ارتفع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في أفريقيا بمقدار 1.9 ضعف المستوى الذي كان عليه في سنة 1970. في مقابل تضاعف نصيب الفرد من الناتج في آسيا 5 مرات في الفترة نفسها

بعد 13 عاما فقط، ارتفع نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي في أفريقيا بمقدار 1.9 ضعف المستوى الذي كان عليه في سنة 1970. ربما يبدو ذلك مثيرا للإعجاب إلى أن يقارنه المرء بقارات أخرى. على سبيل المثل، تضاعف نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي في آسيا 5 مرات في الفترة نفسها.

يقول ميلانوفيتش: "المشكلات في أفريقيا أكثر تعقيدا مما تشير إليه هذه الأرقام. وغالبا ما تشهد الدول الأفريقية طفرات من النمو تليها تراجعات سريعة، ويبدو أن المشكلة الكبيرة التي تواجهها هي العجز عن الحفاظ على معدلات نمو متواضعة فترات طويلة. وتعود التقلبات في النمو إلى الصراعات السياسية والحروب الأهلية واتجاهات الأسعار الدورية التي تؤثر على الموارد الطبيعية التي يعتمد عليها جانب كبير من المنتجات والصادرات الأفريقية". 

الصين تقدمت وأفريقيا غرقت في أمراضها

يعيدنا كل ذلك إلى وانغ وتحليله لحقبة النمو المرتفع التاريخية في الصين. يشكو العديد من الأجانب من الفساد في أفريقيا، ولا يكادون يفكرون بأن الصين وكثيرا من الدول الأخرى الناجحة اقتصاديا كانت تعاني من استشراء الفساد. والواقع أن بكين كانت دائما ما تجعل من إعدام المسؤولين المدانين بالإثراء غير المشروع أو سجنهم مشهدا عاما. مع ذلك فإن العديد من قادتها البارزين راكموا ثروات شخصية.

ومع أن المسؤولين في الصين يتقاضون الرشى، فإن المشاريع التي يعهدون بها أو يشرفون عليها تنجز في الغالب، بدلا من أن يطويها النسيان بعد سرقة الأموال المخصصة لها. وثمة نكتة سوداء أسمعها منذ سنوات في أنحاء مختلفة من أفريقيا مفادها أن الإثراء الرسمي الصارخ لن يكون سيئا للغاية إذا أنجزت الجسور والطرق السريعة والمشاريع الكبيرة الأخرى.

شهدت الحقبة الجديدة للثروة التي أعقبت وفاة ماو تسي تونغ تحسينات مستمرة في أنظمة الرعاية الصحية، أما أفريقيا التي تعاني من الأمراض الاستوائية المتوطنة، فلديها أسوأ المؤشرات الصحية بين كل القارات

لكن وانغ يقدم حججا مقنعة بأن الاستثمار المستمر فيما يسميه بعض الاقتصاديين البنية التحتية البشرية ساعد أكثر من البنية التحتية المادية في النهوض بالصين بقوة في تلك المدة القصيرة. بل إن الصين أحرزت تقدما كبيرا في تحسين الصحة العامة لسكانها، حتى قبل انتهاء الحقبة الماوية في سنة 1976. وقد أحدث ذلك انخفاضا كبيرا في عدد الوفيات الناجمة عن الأمراض المعدية وغيرها من أسباب الوفاة التي يمكن الوقاية منها إلى حد كبير، مثل وفيات الأمهات والرضع، وأدى إلى رفع إنتاجية السكان.

إقرأ أيضا: الكوليرا مرآةٌ لعالمنا

وشهدت الحقبة الجديدة لخلق الثروة التي أعقبت وفاة ماو تسي تونغ مزيدا تحسينات مستمرة في أنظمة الرعاية الصحية ظهرت نتائجها في كل الإحصاءات، مثل متوسط العمر المتوقع - 78.99 عاما حاليا - وهو مماثل للمتوسط السائد في الولايات المتحدة الأكثر ثراء بكثير. أما أفريقيا، التي تعاني من الأمراض الاستوائية المتوطنة مثل الملاريا، فإن لديها أسوأ المؤشرات الصحية بين كل القارات. على سبيل المثل، ثمة سياسات بسيطة مثل تحسين أنظمة مياه البلديات والمياه الريفية وتوسيعها يمكن أن تنقذ الأرواح على نطاق واسع وتطيل العمر.

يولي كتاب وانغ اهتماما كبيرا لجانب آخر من مشروع الأجيال الذي بدأ في عهد دنغ لإدخال تحول على الصين، أي التعليم. فيكتب أن "الالتحاق بالمدارس شهد نموا متسارعا في جميع المستويات فوق المرحلة الابتدائية. فارتفع الالتحاق السنوي للطلبة بالمدارس الإعدادية في كل أنحاء البلاد أكثر من 60 في المئة بين سنتي 1990 و2000، من 13.7 مليون طالب إلى 22.6 مليون طالب.

وارتفع إجمالي عدد الطلبة المسجلين في مؤسسات التعليم العالي في المقابل من 2.1 مليون طالب في سنة 1990 إلى 5.6 ملايين طالب في سنة 2000، وإلى 22.3 مليون طالب في سنة 2010، ثم إلى 32.9 مليون طالب في سنة 2020". وبهذا التوسع الهائل في النظام التعليمي، ارتقت الصين بشكل كبير ومستمر بجودة قوتها العاملة.

يعود جانب كبير من تأخر الأداء التعليمي في أفريقيا إلى إرث الحكم الاستعماري، عندما كان الأوروبيون يخشون من أن يؤدي اتساع طبقات الأفريقيين المتعلمين إلى تعريض سيطرتهم على سكان القارة ومواردها للخطر

تبدأ أفريقيا اليوم من قاعدة أدنى في التحصيل التعليمي. فلا تزال الأمية منتشرة على نطاق واسع في بعض الدول الأفريقية، وتتلقى الفتيات في العديد من البلدان تعليما مدرسيا أقل بكثير من الأولاد. وإذا أرادت القارة تغيير ظروفها الاقتصادية في العقود المقبلة، فلا خيار أمامها إلا القيام باستثمارات أكبر بكثير في بنيتها التحتية البشرية. فشعبها يتمتع بمواهب طبيعية كأي شعب في أي مكان آخر، لكن المشاركة في الاقتصاد العالمي بطرق أكثر جدوى تتوقف على تقديم القارة إنتاجا فكريا أكبر بكثير - وكذلك إيجاد حلول أفريقية للمشكلات الأفريقية، ولا يمكن تحقيق ذلك إلا بالتعليم.

إقرأ أيضا: تمدد "داعش" في الساحل... تهديد حقيقي أم تحذير سابق لأوانه؟

يعود جانب كبير من تأخر الأداء التعليمي في أفريقيا اليوم إلى إرث الحكم الاستعماري، عندما كان الأوروبيون يخشون من أن يؤدي اتساع طبقات الأفريقيين المتعلمين إلى تعريض سيطرتهم على سكان القارة ومواردها للخطر.

السؤال المطروح اليوم هو هل يستطيع قادة أفريقيا الحاليون إدراك أن شعوبهم وعقولهم هي أكبر موارد القارة. الثورة التعليمية لن تحل كل المشكلات، لكن من دونها، لا يمكن مواجهة إلا قليل من التحديات الأفريقية الأخرى التي تلوح في الأفق.

font change