قليلة، إن لم تكن نادرة، التحقيقات والشهادات الموسعة التي تصفُ وتروي، بالمعايشة المباشرة وبالاختبار والتجربة، وجوها من أنماط عيش الإيرانيين في بلادهم، أفكارهم وآرائهم ونظرتهم إلى أنفسهم وتاريخهم والعالم من حولهم، وكذلك أشكال تعبيرهم وكلامهم في مجرى حياتهم اليومية المتدافعة في الجمهورية الإسلامية التي يعيشون تحت لواء نظامها السائد منذ "الثورة الخمينية" سنة 1979.
الكاتبة السورية، حاملة الجنسية الفرنسية، ندى الأزهري، أقامت سنوات في طهران، وزارت سواها من مدن مناطق إيرانية، منذ العام 2006، وكتبت حصيلة تجربتها وانطباعاتها ومشاهداتها، كما عاشتها بين إيرانيين عرفتهم وحادثتهم وأنشأت بهم صلات متفاوتة. وهي نشرت ما كتبته في كتاب سمّته "عربية في إيران"، ووضعت تحت عنوانه هذا عبارة "الإيرانيون كما لم تعرفهم". أي نحن العرب، ما دامت الكاتبة قد اختارت أن تنسب نفسها إلى الدائرة أو الهوية العربية، أقله أثناء إقامتها في إيران. وقد أصدرت كتابها هذا لدى "دار الساقي" في بيروت أواسط هذا العام، 2024.
والأرجح أن الكاتبة أرادت بنفيها معرفة العرب بالإيرانيين - وقد يكون هذا صحيحا- القول إن العرب على وجه الإجمال والعموم، يجهلون كيف يعيش أهل إيران حياتهم في بلادهم ومجتمعهم. أي في منأى من سياسات نظامهم الخارجية التي أدت - حسبما يعلن سدنة النظام الإيراني ويكررون متفاخرين - إلى سيطرتهم على 4 عواصم عربية: بيروت ودمشق وبغداد وصنعاء.