كشف حريق المنقف في 12 يونيو/حزيران المنصرم مستوى غير مقبول من الاستهتار وعدم إلتزام الشروط والضوابط والمواصفات المتعلقة بالسلامة العامة، وحماية حياة الأفراد الواجب اتباعها في المساكن، وخصوصاً في المباني التي تضم العديد من الشقق السكنية في الكويت.
بطبيعة الحال، هذه التجاوزات والممارسات غير السوية تلحقها ممارسات أخرى تتصل بحقوق الإنسان ورعاية أفراد العمالة الأجنبية في البلاد، التي أثير حولها العديد من الملاحظات من المنظمات الأهلية العاملة في مجال حقوق الإنسان وتم ذكرها في تقارير دولية التي رفعت إلى الحكومة الكويتية.
في الكويت التي تأسست على التكافل ورعاية الفقراء والمساكين وتوفير الدعم لهم، كيف أصبح ممكناً لأصحاب الشركات ومالكي العقارات السكنية، أن يشبعوا جشعهم من خلال استغلال العمالة الهامشية، بحيث لا يدفعون للعاملين أجورهم المستحقة ولا يوفرون لهم السكن الملائم الذي يلتزم الشروط الأمنية والصحية ومعايير النظام والسلامة والحماية من الأخطار، ومنها خطر الحريق.
اتضح أن المبنى الذي احترق كان سكناً لعمال إحدى الشركات العاملة في القطاع النفطي في منطقة العبدلي. يتكون المبنى من ستة طوابق ويبلغ عدد سكانه 196 عاملاً موزعين على شقق صغيرة، ويقطن الأفراد في غرف ضيقة لا يمكن الهروب منها بسهولة عند حدوث الكوارث.
تجاوزات لشروط البلدية
يفترض أن تلتزم عقارات السكن الاستثماري في الكويت بشروط بلدية الكويت من إدارة المطافىء وتعليمات إدارة البيئة. لكن نظام البناء في البلاد خضع لتغيرات متواترة بفعل تدخلات أعضاء المجلس البلدي ومن ورائهم أعضاء مجلس الأمة. تمكن الكثير من مالكي عقارات السكن الاستثماري، أي عمارات الشقق المتعددة الأدوار، الحصول على موافقات من البلدية لتصغير مساحة الشقق وزيادة أعداد الغرف وتقليص مساحة دورات المياه والحمامات والمساحات المخصصة للخدمات مثل المطابخ. تتم تلك الموافقات نتيجة التدخلات المذكورة لصالح هؤلاء المالكين، ورضوخ السلطات الحكومية المختصة، أو بسبب فساد الجهاز الوظيفي.
وتشمل هذه التجاوزات عدم الالتزام بالشروط المتعلقة بالتمديدات الكهربائية أو التمديدات الصحية أو توفير أجهزة مكافحة الحرائق، والتقتير في الإنفاق على شروط السلامة وتوفير السكن الصحي الملائم، خصوصاً في العمارات السكنية التي يقطنها العمال الفقراء أو الذين يتم إسكانهم في مساكن جماعية من قبل الشركات التي يعملون لصالحها، والتي تسعى لتقليص نفقاتها على أجورهم ومخصصات إيجارات سكنهم. عند زيارة مناطق محددة يسكنها هؤلاء العمال مثل جليب الشيوخ أو الفروانية أو المهبولة أو المنقف وعدد آخر من مناطق الكويت، يتخيل المرء بأنه يمر في مناطق ذات كثافة سكانية مرتفعة في دول مثل مصر أو نيجيريا، وغيرها من دول العالم الثالث المكتظة بالسكان والتي تعاني من مستويات فقر عالية.