عاد ملف اتفاق الشراكة بين الجزائر والأوروبيين ليتصدر الواجهة، لكن هذه المرة تختلف عن سابقاتها بالنظر إلى التطورات الجيوسياسية والمصالح الاقتصادية لكل طرف، فالظروف الاستثنائية التي وُقع فيها الاتفاق تختلف عن الظروف الداخلية الحالية، فقد كانت البلاد وقتها في موقف ضعف بسبب العجز الهيكلي الناجم عن الاقتصاد الريعي وأيضا الحالة الصعبة التي خرجت بها البلاد من العشرية السوداء التي شهدتها سنوات التسعينات من القرن الماضي.
وجرى التوقيع على هذا الاتفاق عام 2002، ودخلت حيز التنفيذ عام 2005. ويضع الاتفاق إطارا للتعاون في جميع المجالات، بما في ذلك التجارة.
واللافت للنظر أن الاتحاد الأوروبي لوح قبل أيام باللجوء إلى إجراءات التحكيم المنصوص عليها في المادة 100 من اتفاق الشراكة، وتشرح هذه المادة طرق تسوية المنازعات بين الأطراف في الاتفاق وطرق التسوية، وتقول المادة السالفة الذكر إنه يمكن لكل طرف في مرحلة أولى إبلاغ مجلس الشراكة بكل خلاف متعلق بتنفيذ هذا الاتفاق وتفسيره، وتُسند إلى المجلس وفق المادة 100 مهمة تسوية الخلاف باتخاذ قرار في هذا السياق، واللافت للنظر أيضا أن التدابير المتفق عليها في إطار مجلس الشراكة ملزمة لكليهما.
وعلى ما يبدو فإن الأزمة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي ما زالت تستعصي على الحل رغم الدعوات المتكررة للطرف الجزائري فرئيس الدولة سبق وأن أمر خلال اجتماع مجلس الوزراء المنعقد في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2021 بمراجعة اتفاق الشراكة "بندا بندا" وفق رؤية سيادية قائمة على شراكة الند للند ومربحة للطرفين مع مراعاة مصلحة الإنتاج الوطني في خلق نسيج صناعي قوي وخلق مناصب عمل.
وجاء في بيان المفوضية الأوروبية: "نظرا للجهود التي لم تفض إلى حل ودي للمسألة، فقد اتخذ الاتحاد الأوروبي هذه المبادرة للحفاظ على حقوق الشركات والمُصدّرين الأوروبيين، العاملين في الجزائر والمتضررين منها. كما تضر التدابير الجزائرية المستهلكين الجزائريين بسبب حصر خيار المنتوجات المتاح من دون مسوّغ".