الانتخابات البرلمانية البريطانية... فوارق غير فارقة تجاه الشرق الأوسط

لا يُتوقع حدوث تغييرات كبيرة في السياسة الخارجية تجاه المنطقة

رويترز
رويترز
زعيم حزب "العمال" المعارض الرئيس في بريطانيا كير ستارمر (إلى اليسار)، ورئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك (إلى اليمين) أمام النصب التذكاري وسط لندن، في 13 نوفمبر 2022

الانتخابات البرلمانية البريطانية... فوارق غير فارقة تجاه الشرق الأوسط

مع اقتراب موعد الانتخابات العامة المرتقبة في المملكة المتحدة في 4 يوليو/تموز المقبل، يتزايد التساؤل حول ما إذا كانت الحكومة البريطانية الجديدة ستتبع مسارا مختلفا تجاه الشرق الأوسط مقارنة بالحكومة التي يقودها حزب "المحافظين" والتي حكمت البلاد لمدة 14 عاما. وعلى الرغم من أن تحولا جذريا في السياسة الخارجية البريطانية تجاه الشرق الأوسط يبدو غير مرجح، فإن هناك اختلافين دقيقين يتعلقان بإيران وفلسطين يمكن استنتاجهما من التصريحات السابقة للانتخابات والبيانات الانتخابية للحزبين الرئيسين في البلاد (حزب "المحافظين" وحزب "العمال")، حيث يظهر أن حزب "العمال" يميل إلى اتخاذ موقف أكثر تطورا تجاه تلك القضايا. ومع ذلك، فإن هذا لا يوضح الكثير بشأن التفاعل الأوسع مع الشرق الأوسط.

وكانت إحدى المفاجآت في نتائج استطلاعات الرأي قبل الانتخابات هي تجاوز حزب اليمين المتطرف "إصلاح المملكة المتحدة" في شعبيته حزب "المحافظين". ولكن لا يتوقع أن يفوز حزب "إصلاح المملكة المتحدة" بعدد كاف من المقاعد يسمح له بوضع السياسات.

وأفضل أمل لهذا الحزب هو أن يفوز حزب "المحافظين" بعدد كاف من المقاعد ليؤدي إلى برلمان معلق- دون أغلبية واضحة لأي حزب- ثم يشكل تحالفا تكتيكيا مع حزب "إصلاح المملكة المتحدة". ولكن إذا حدث ذلك، فإن "المحافظين" سيحددون جدول الأعمال المتعلق بالشرق الأوسط، حيث إن حزب "إصلاح المملكة المتحدة" في بيانه وأولوياته السياسية موجه في الأساس نحو القضايا المحلية. ولم يُذكر الشرق الأوسط في بيان حزب "إصلاح المملكة المتحدة" على الإطلاق.

لم يرد ذكر الشرق الأوسط إلا بشكل موجز فقط في بيان حزب "المحافظين"

ولم يرد ذكر الشرق الأوسط إلا بشكل موجز فقط في بيان حزب "المحافظين". حيث يذكّر البيان الناخبين بأن حكومة "المحافظين" وقّعت صفقات تجارية وأمنية مع دول في الشرق الأوسط، ويتعهد "بالسعي إلى علاقات أوثق مع الشركاء في الخليج والشرق الأوسط على أساس تقدير وجهات النظر الإقليمية والمصالح المشتركة"، لكنه لا يوضح ماهية هذه العلاقات.

ومن التعهدات الواردة في بيان حزب "المحافظين" هو أن تصبح المملكة المتحدة أكبر مصدّر للأسلحة في أوروبا بحلول عام 2030. ومع كون الشرق الأوسط حاليا السوق الأكبر للأسلحة البريطانية، فلا يمكن للمملكة المتحدة أن تتوقع ببساطة زيادة صادراتها من الأسلحة إلى المنطقة. إذ لدى دول الخليج- السوق المستهدفة الرئيسة- أولويات دبلوماسية واقتصادية وأمنية خاصة بها تحدد أين تنفق ميزانياتها الدفاعية. ويعتمد دور المملكة المتحدة في هذه المعادلة على عدد من العوامل بما في ذلك موقف المملكة المتحدة من القضايا الجيوسياسية ومدى خدمة هذا الموقف لمصالح دول الخليج.

وباعتبار إيران لاعبا رئيسا في زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط، فإن دول الخليج ستتابع سياسة الحكومة البريطانية المقبلة تجاه إيران. ولا يذكر بيان حزب "المحافظين" ولا حزب "العمال" إيران على الإطلاق. ولكن على عكس رئيس الوزراء وزعيم حزب "المحافظين" ريشي سوناك، الذي رفض دعوات من أعضاء البرلمان من مختلف الأحزاب لإدراج "الحرس الثوري" الإيراني في قائمة المنظمات الإرهابية، فإن ديفيد لامي، وزير الخارجية في حكومة الظل لحزب "العمال"، قال إن حزبه سيقوم بإدراج "الحرس الثوري" في قائمة المنظمات الإرهابية إذا فاز حزب "العمال" في الانتخابات.

لم يُعط أي من الحزبين الرئيسين جدولا زمنيا للاعتراف بالدولة الفلسطينية 

وهذا يشير إلى أن موقف حزب "العمال" تجاه إيران– على الرغم من تركه لخياراته المتعلقة بها مفتوحة في الوقت الحالي– سيصبح أكثر جرأة. كما ستتأثر سياسة المملكة المتحدة تجاه إيران أيضا بمن سيفوز في الانتخابات الرئاسية الأميركية.

وتتشارك بيانات الحزبين فيما يتعلق بذكر الاعتراف بدولة فلسطينية في سياق عملية السلام بين إسرائيل وفلسطين. ولم يُعط أي من الحزبين جدولا زمنيا لهذا الاعتراف، إلا أن بياناتهما اختلفت في كيفية تأطير الصراع الأوسع. حيث يؤكد بيان حزب "المحافظين" أن الحزب "سيظل يدعم بشدة حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها والعيش بأمان" لكنه لا يذكر شيئا عن النزاع الحالي في غزة. بينما يقول بيان حزب "العمال" إن الحزب "سيواصل الدفع باتجاه وقف إطلاق نار فوري، وإطلاق سراح جميع الرهائن، والالتزام بالقانون الدولي، وزيادة سريعة للمساعدات إلى غزة".

وتستخدم لغة بيان حزب "العمال" لوصف قيام دولة فلسطينية لغة أكثر وضوحا، حيث يقول البيان إن قيام هذه الدولة "هو حق ثابت للشعب الفلسطيني" وإنه "ضروري أيضا لأمن إسرائيل على المدى الطويل". وبينما يعبر كلا البيانين عن الالتزام بحل الدولتين، يضيف بيان حزب "العمال" أن مثل هذا الحل يعني "إسرائيل آمنة ومحمية بجانب دولة فلسطينية قابلة للحياة وذات سيادة".

وبالتالي، وعلى الرغم من أنه لا يُتوقع حدوث تغييرات كبيرة في السياسة الخارجية البريطانية تجاه الشرق الأوسط، فإن تأطير حزب "العمال" لنهجه تجاه المنطقة يبدو أكثر تطورا.

font change

مقالات ذات صلة