صلاح أبو سيف... رحلة مخرج روى سيرته دون أن يرويها

بدأ مونتيرا وتعاون مع نجيب محفوظ وإحسان عبد القدوس

صلاح أبو سيف

صلاح أبو سيف... رحلة مخرج روى سيرته دون أن يرويها

فرك الطفل صلاح أبو سيف، 10 سنوات، عينيه، ليتمعن في الصور التي يراها لأول مرة في حياته معلقة على جدران صالة السينما المجاورة لمدرسته، فقرر التغيب عن الدراسة، وسأل أحد المارة عن سعر تذكرة الدخول، رد: قرش صاغ. وكان يمتلكه، فاشترى واحدة.

5 مساء، أحد أيام عام 1925، الطفل صلاح أبو سيف، يجلس في أول كرسي داخل قاعة السينما الخالية، ظنا منه أنه المقعد الأمثل لقربه من الشاشة، الفيلم بدأ في السادسة والنصف مساء. الجمهور ينظر إليه باستغراب، لم يجلس أحدهم بجواره، سأله أحدهم: "لماذا أنت جالس في هذا المكان؟"، رد: "أنا قاطع بقرش صاغ"، فأجابه: "ارجع إلى الكراسي الخلفية، السينما يشاهدونها من الخلف".

حكى أبو سيف في حوار بمجلة الإذاعة والتلفزيون، في أكتوبر/ تشرين الأول 1988: "لا يمكن أن أنسى هذا اليوم، محفور في ذهني، المرة الأولى التي دخلت فيها السينما في حياتي، شاهدت فيلم شارلي شابلن وضحكت، ومغامرات طرزان واستغربتها، حكيت لأصحابي بالمدرسة في اليوم التالي، وبدأنا التردد على السينما كل خميس حفلة 6:30".

كبر أبو سيف في حي بولاق، حارة قسوات، القاهرة، وسط عائلة، الأم فيها تعاني قسوة الحياة وخلافات مع الأب، فهجرته واضطرت إلى العيش وحيدة، وعلّمت ابنها صلاح إلى أن تخرج في مدرسة التجارة، يروي: "عانيت مرارة الحرمان وقسوته، كان ذلك أول درس عن حياة الفقراء ومعاناتهم من أجل الحياة، وهكذا بدأ وعيي الفكري والسياسي يتشكل، بنيت نفسي بدافع الحرمان".

شهد أبو سيف أثناء عمله في "العزيمة" محاولة إخراج فيلم سينمائي واقعي، خارج القصور وعالم الباشوات

مونتير في استديو مصر

عمل صلاح أبو سيف في شركة "غزل المحلة"، وقلبه معلق بالعمل في السينما، لذا علم نفسه الإنكليزية والفرنسية، وقرأ أبرز الكتب في الفنون، لم ينس اللحظة التي نقل فيها كتاب "الفن السينمائي" لبودوفكين في كراسة، قال في حوار بمجلة "القاهرة" عام 1996: "لم أكن أملك المال الكافي لشراء هذا الكتاب المهم".
إدراكا لجانب من حبه للسينما، كتب للصحافة في تلك الفترة عن السينما، لكن ذلك لم يكن كافيا لتدبير معيشته، فعمل في سكرتارية شركة الغزل، وعلم زملاؤه بحبه للسينما فرافقوه لمشاهدة بعض الأفلام، ولإيمانهم به، أصروا على سفره إلى الخارج لدراسة السينما، حكى: "اجتمعوا وقرروا توفير مصاريف سفري من مصاريفهم النثرية على السجائر واللب، وجمعوا 35 جنيها، لكن الظروف لم تسمح بسفري".
أثناء زيارة المخرج نيازي مصطفى لشركة الغزل لإخراج فيلم تسجيلي قصير عن شركات بنك مصر، دار بينه وبين أبو سيف حوار طويل، في آخره سأله: "هل تحب العمل في استديو مصر؟"، رد: "هذا ما أحلم به"، فضمه نيازي الى قسم "التوليف" أي المونتاج الذي كان يرأسه عام 1935، وظل فيه إلى عام 1945.

فيلم "الزوجة الثانية"


أثناء عمله 10 سنوات "مونتيرا" في استديو مصر، شارك في 10 أفلام، تأثر بها في فلسفته مستقبلا، منها "العزيمة" لكمال سليم 1939، "عايدة" لأحمد بدرخان 1942، "غرام وانتقام" ليوسف وهبي 1944، "الحياة كفاح" لجمال مدكور 1945، و"نداء القلب" لعمر جميعي 1943.
شهد أبو سيف أثناء عمله في "العزيمة" محاولة إخراج فيلم سينمائي واقعي، خارج القصور وعالم الباشوات، المرة الأولى التي رأى فيها الجمهور بشرا يشبهونهم مثل الجزار والحلاق، أبطالا على شاشة السينما، روى المخرج الراحل في حوار مع صحيفة "روز اليوسف" عام 1989: "كان ديكور فيلم 'العزيمة' حارة مصرية، رأيت بنفسي الجمهور يتناقش بعد العرض، هل الحارة حقيقية أم ديكور؟ وحقق الفيلم إيرادات جيدة، وأثبت كمال سليم أن الجمهور يذهب إلى السينما لمشاهدة نفسه، ليس هربا من واقعه لمشاهدة القصور كما كان يقول أحمد بدرخان".
تأثر أبو سيف بأسلوب كمال سليم، أبرزها، النظرية الاشتراكية في العلاقة بين الفن والمجتمع، وورث منه الاهتمام بالفن التشكيلي والموسيقى والأدب والمسرح، قال: "وصلت العلاقة بيننا إلى حد أننا كنا أحيانا نفكر في الشيء نفسه في وقت واحد".
قرر التدرب عمليا على الإخراج، وبدأ بفيلمه التسجيلي القصير "المواصلات في الإسكندرية" 1936، ثم "سيمفونية من القاهرة" في العام نفسه، استلهم فكرته من رسم كاريكاتوري يسخر من شكوى الأجانب من ضوضاء القاهرة، ولسوء الحظ، ضاع نيغاتيف الفيلم في حريق استديو مصر عام 1939.

منع مدير استديو مصر عرض فيلمه الروائي الأول القصير "العمر واحد" 1942 بطولة الفنان إسماعيل ياسين، اعتراضا على مدته 25 دقيقة، وأنه تم تصويره في شهر واحد فقط، كما رفضته الرقابة لاعتباره مسيئا إلى الأطباء، وتغير اسمه إلى "نمرة 6"، بعدما أفرج عنه بعد 80 عاما.

عام 1945 التقى صلاح أبو سيف نجيب محفوظ وامتدت صداقتهما 43 عاما تخللتها 10 أفلام

أعاد المركز القومي للسينما ترميم فيلم "نمرة 6"، قال أبو سيف في حواره مع مجلة "الإذاعة والتلفزيون" في 1988: "كانت المرة الأولى يقوم إسماعيل ببطولة فيلم، وكتبت أنا السيناريو، متخيلا أن الفيلم ليس له مثيل، وكان مقررا عرضه يوم اثنين، لكن أثناء وجودي في البيت فتحت الجورنال (الصحيفة) لاقرأ خبرا، الرقابة منعت عرضه، توجهت إلى الرقابة التي كانت تشرف عليها وزارة الداخلية، لأعرف السبب، فعلمت أن مدير استديو مصر هو الذي منع عرض الفيلم بحجة أنه يهاجم الأطباء، شيء عجيب!".
اعتقد أبو سيف أنه صنع فيلما يهاجم الدجالين الذين يوهمون الناس بعلاجهم، وكان في الفيلم شخصية يدعي أنه طبيب، فظنت الرقابة أنه يهاجم الأطباء ويسيء الى الطب.
في عام 1949 أخرج فيلمه الثاني "زال الشر" لحساب وزارة الشؤون الاجتماعية، ومدته 30 دقيقة، ثم هجر إخراج الأفلام القصيرة والتسجيلية حتى عام 1955 ليخرج 5 أفلام عن السودان، وفيلما آخر عن البترول، لصالح  هيئة الاستعلامات، وفي عام 1970 أخرج 5 أفلام أخرى، ثلاثة منها عن كورال القاهرة، وهي "الله وأكبر" و"اسلمي يا مصر" و"ملا الكاسات".

الواقعية... و43 عاما مع نجيب محفوظ

أخرج صلاح أبو سيف أول أفلامه الطويلة "دايما في قلبي" عام 1945، كتبه بنفسه مقتبسا حكايته من فيلم "جسر واترلو"، ثم "المنتقم" 1947، ثم "مغامرات عنتر وعبلة" 1948 كتابة نجيب محفوظ.
لم يكن المخرج الراحل يفضل أن تبدأ مسيرته بالاقتباس من أفلام أجنبية، لكن مصادفة جمعته بالفنانين عقيلة راتب وأنور وجدي، بعدما وقعا عقد احتكار مع استديو مصر، وكانت راتب تتمنى تقديم فيلم مستوحى من "جسر واترلو"، فأوكل إليه حسين سعيد، رئيس مجلس إدارة استديو مصر مهمة تحويله إلى فيلم عربي، فقبل لكنه استبدل أنور وجدي بعماد حمدي، اعترف في حواره مع مجلة "الهلال" في 1994: "كان هذا الاستبدال خطأ كبيرا".

عام 1945 التقى صلاح أبو سيف نجيب محفوظ لأول مرة، للعمل على فيلم "مغامرات عنتر وعبلة"، يقول في جريدة "الأخبار" عام 1988: "كان أول أعمالنا التي أخرجتها وكتب هو السيناريو". امتدت صداقتهما لأكثر من 43 عاما و10 أفلام سينمائية منها "المنتقم" و"لك يوم يا ظالم" و"شباب امرأة" و"الطريق المسدود" و"أنا حرة" و"الفتوة" و"بين السما والأرض".
روايات نجيب محفوظ التي حولها أبو سيف الى أفلام سينمائية تصرف فيها بحريته من ناحية الرؤية والتنقل بين الأحداث والتعبير عن الحكاية كما يشاء، أما الأعمال التي كتب لها محفوظ السيناريو، فكان حريصا كلما سمحت ظروفه على متابعة التصوير.

صلاح أبو سيف ونجيب محفوظ


كانت نشأة الاثنين في حي شعبي (أبو سيف في حي بولاق ومحفوظ في "الجمالية")، سببا في تقاربهما النفسي والفكري وتنوع المشتركات بينهما، أبرزها ميلهما إلى الواقعية، قال أبو سيف: "بعد 5 أفلام، انتشر اسمي، لكني أخرجتها بناء على رغبة المنتجين لا رغبتي، وكان هدفي أن أعمل ما أراه أنا، وكانت الواقعية ترسا يدور في رأسي، أريد أن أدخلها للسينما المصرية".
مصادفة، قرأ أبو سيف رواية "تيريز راكون" لإميل زولا، فقرر أنها قصة فيلمه "لك يوم يا ظالم" وبدأ العمل عليها مع نجيب محفوظ والسيد بدير، أضفوا عليها الطابع المصري، وعرضوها على المنتجين، فرفضوها لقتامة جوها وشعبويتها وبطلها الشرير، رأوا أن هذه التركيبة لا يمكن أن تنتج فيلما سينمائيا جماهيريا.
صمم أبو سيف على إنتاج الفيلم بنفسه، فوضع كل ما يملك، قال: "لم يعد لدي حتى إيجار الشقة، قلت لو نجح هذا الفيلم سأستمر في السينما، وإن فشل، ستكون نهاية عملي بها".
لحسن الحظ، نجح "لك يوم يا ظالم" في 1951، فنيا وتجاريا، واعتبره النقاد امتدادا للواقعية. وفي السنة التالية، نجح فيلمه "ريا وسكينة" كتابة نجيب محفوظ والسيد بدير، وجذب نوعية جديدة من جمهور السينما، وبلغت إيراداته 200 جنيه في الحفلات اليومية بمحافظة الإسكندرية.

  حكاية "شباب امرأة" تشابهت مع ما حدث لصلاح أبو سيف أثناء وجوده في باريس وهو في العشرين من عمره

تعبير عن الذات

منتصف الخمسينات، قبل أن يصل إلى تجربته الأنضج في فيلم "الفتوة"، أخرج فيلم "شباب امرأة" 1956، متضمنا رموزا وتشبيهات لقناعته بنظريات عالم النفس الشهير فرويد، أن الإنسان يحركه أمران، الجنس والمال. قال أبو سيف: "أهم عنصرين بنيت عليهما أعمالي، المال والجنس".
في "شباب امرأة"، تظهر شفاعات التي جسدتها تحية كاريوكا تسيطر على رجلين، بدافع الحب والغريزة الجنسية، الشاب الريفي إمام بلتاجي (شكري سرحان)، و"عم حسبو" (عبد الوارث عسر)، يكرر إمام خطأ حسبو، ولا يهرب من دائرة شفاعات، لكن حسبو يقتل شفاعات في النهاية ويبكي عليها لأنه لا يزال يحبها، قال أبو سيف في حوار مع مجلة "الكاتبة" في مارس/ آذار 1994: "نعم، في 'شباب امرأة'، كانت شخصية شكري سرحان مثل البغل، لأن تلك المرأة كانت تستولي عليه تماما، وهذا يحدث لكل إنسان يتغرب عن بلده، مثلا يأتي من الريف إلى القاهرة أو من القاهرة إلى باريس".

فيلم "شباب امراة"


حكاية الفيلم تشابهت مع ما حدث لصلاح أبو سيف أثناء وجوده في باريس وعمره 20 عاما، اصطدم بواقع مغاير عن حي بولاق الشعبي، إذ كان يغمض عينيه عندما يرى امرأة تمشي أمامه. وهناك شاهد الرجل والمرأة يقبلان أحدهما الآخر في المترو والشارع، حكى: "كنت مندهشا جدا، فغادرت اللوكاندة التي أقيم فيها، وأقمت في بنسيون تملكه سيدة خمسينية جمعتنا علاقة، علمتني كأنها معلمة، كيف يكون الحب والجنس، ومن هنا خطرت لي فكرة كيف يمكن للإنسان أن يتغير مثل إمام بلتاجي في الفيلم، ومنها استلهمت قصة 'شباب امرأة'".
أما في "الفتوة"، فيرصد أو سيف تأثير التغيرات الاقتصادية التي شكلت مجتمعا طبقيا في مصر، وذلك من خلال قصة يتخللها صراع بين أصحاب رؤوس الأموال في سوق الخضر، بالإضافة إلى علاقتهم مع السلطة السياسية، مطالبا في نهاية الفيلم بحتمية التغيير خشية تفاقم هذه الطبقية.

عقدة العمدة الأب

اعترف صلاح أبو سيف في حواره مع صحيفة "السياسي" في أغسطس/ آب 1990: "أنا موجود في كل أفلامي التي أخرجتها".
كان والد صلاح أبو سيف عمدة، ثريا، لديه حصانان أحدهما طاقمه ذهب والآخر فضة، تزوج تسعاً قبل والدة صلاح، التي رفضت  أن تعيش معه في محافظة بني سويف، مركز الواسطي، صعيد مصر.

أجرى أحد الباحثين التونسيين دكتوراه في جامعة السوربون، توصل فيها إلى أن شخصية العمدة في أفلام صلاح أبو سيف كلها كريهة وشريرة، قال المخرج الراحل: "على المستوى الواعي لم أنتبه إلى ذلك، لم أنتبه إليه أبدا، وعلل الباحث ذلك أنني تأثرت بشخصية أبي".

لم يهتم والده بتعليم أبنائه، لذا هاجرت الأم بابنها إلى القاهرة، والتحق بالمدرسة الثانوية، مصروفاتها 120 جنيها، جميعها من بقية أقاربه.

بعد سنوات من الغياب، ظهر الأب وقاضى ابنه صلاح وقت عمله في استديو مصر، ليحصل منه على نفقة بحجة أنه فقير، وحصل على الحكم فعلا، إذ ذهب إلى المحكمة بملابس بالية، رغبة في الانتقام إذ قاضاه الابن والأم بعد هجرتهما، ليحصلا على نفقة من حقهما، لكن الشرطة لم تتجرأ على دخول  مركز "الواسطي" ببني سويف، لأنه كان العمدة، رمز القوة.
العمدة عثمان (صلاح منصور)، في فيلم "الزوجة الثانية" ينتزع فاطمة (سعاد حسني) زوجة أبو العلا، شكري سرحان، لتنجب له الأولاد، لكن بعد علمه بخبر حملها من زوجها يصاب بالشلل، ويختل، لأن صورته القوية اهتزت، وتكسرت سطوته.
أما والدة صلاح أبو سيف، فكانت تجيد القراءة والكتاب في زمن ندر فيه تعلم السيدات، كانت تقرأ الصحف ولديها حس السخرية، وتجيد التحدث مع الناس، لذا تأثر بها صلاح وظهرت ملامح من شخصيتها جسدتها الفنانة ماري منيب في فيلم "هذا هو الحب"، تحديدا مشهد الخطوبة الذي عاينت فيه شعر لبنى عبد العزيز وأسنانها.

 أثار "حمام الملاطيلي" ضجة كبيرة بعد عرضه، لاعتباره فيلما جنسيا، لكن صلاح أبو سيف كان يراه سياسيا

توفي والد صلاح أبو سيف ولم يرَ أفلامه، لكن الأم كانت سعيدة للغاية بنجاح أفلام ابنها. توفيت الأم وبعدها الأخت، وشعر المخرج الراحل بضآلة الحياة وقتامتها، وهو ما ظهر في فيلم "بداية ونهاية"، خاصة أن شقيقته عانت كثيرا قبل زواجها وبعده وعاشت أياما قاسية.

واقعية خارج الحارة

بداية من نهاية الخمسينات، أخرج صلاح أبو سيف أفلاما من أعمال إحسان عبد القدوس، أولها "الوسادة الخالية" 1956 وعرض سنة 1957، و"أنا حرة" 1959، و"البنات والصيف" 1960، و"لا تطفئ الشمس" 1961.
يختلف أبو سيف مع النقاد، إذ يرى أنه لم ينفصل عن واقعيته، بل قدم في سياقها أفضل أفلامه وأنجحها تجاريا، ويتفق أنه قدمها بأسلوب مختلف، وعلل الاختلاف بأن البعض فهم أن الواقعية تقديم الحواري والأحياء الشعبية فقط، فكل ما في الأمر أنه قدم واقعية طبقة أخرى، وتعجب من إخراج النقاد هذه الأفلام من الأعمال الواقعية، بل ذهب بعضهم إلى أن واقعيته قد انتهت.
 

wikipedia
صلاح أبو سيف

ألمح أبو سيف في حوار مع مجلة "القاهرة" 1996، إلى أن تغييره لشكل الواقعية التي يقدمها، كان نابعا من إدراكه لطبيعة السلطة والرقابة وقتها.
ولهذا صنع المخرج الراحل أفلاما مقتبسة من روايات عبد القدوس يرصد فيها قضايا المرأة باعتبارها جزءا من الواقع.

صدى النكسة

 قدم المخرج الراحل فيلم "القاهرة 68"، بعد نكسة يونيو/ حزيران 1967، وهو أول فيلم سياسي يعالج أزمة الانتهازيين الذين استغلوا الاشتراكية لتحقيق مصالحهم الشخصية. لكن لسوء الحظ عندما عرض الفيلم في 30 سبتمبر/ أيلول 1968، كانت قد حصلت تغييرات وإصلاحات داخل الاتحاد الاشتراكي، فمنع عرض الفيلم بعد أسبوعين فقط، وعرض في الخارج وحقق نجاحا.

أثار فيلم "حمام الملاطيلي" ضجة كبيرة بعد عرضه، لاعتباره فيلما جنسيا، لكن صلاح أبو سيف كان يراه سياسيا، قال لمجلة "الكاتبة": "قلت من خلال الفيلم إن هزيمة 67، لم يكن سببها أن إسرائيل أقوى منا، لكن لأننا كنا متحللين مفككين، الفساد يستشري داخلنا، بدأت الفيلم بثلاث دقائق عما يحصل في شوارع القاهرة، نجد لافتة كتب عليها ممنوع وقوف السيارات لكن السيارات تقف، البلد كانت ملخبطة، كنا مشغولين بالتوافه".

font change

مقالات ذات صلة