خليل صويلح أحد أبرز الروائيين السوريين والعرب خلال العقود الثلاثة الأخيرة، وقد نالت أعماله عددا من الجوائز منها "جائزة نجيب محفوظ" و"جائزة الشيخ زايد للكتاب". "المجلة" حاورت ابن مدينة الحسكة المولود في 1959، ليخبرنا عن أهوال الكتابة ومخاضاتها المتعسرة، وعما إذا كان الكاتب يلعب دور المؤرخ في مرحلة ما.
يتحاشى صويلح أن يضع نفسه في منزلة المؤرخ ليكون أكثر تماسا مع عالم الاجتماع، على الرغم من أن روايته الأخيرة "احتضار الفرس" (دار نينوى) الصادرة في 2022، تروي وقائع رحلة صحافي يرصد خلال رحلة العودة بحافلة من الجزيرة السورية إلى دمشق أحداثا ومشاهد غزيرة يصادفها، من قبور مزدحمة وأماكن منهوبة وقطاع طرق وزيارات موت دون انقطاع، وكأنه نوع من التوثيق الروائي يتحول فيه الكاتب إلى مؤرخ يوثق ويلات الحرب، مدونا وقائع حقيقية حصلت حقا في مرحلة ما، لكنه يصر على أن هناك مسافة بين عمل المؤرخ وتخيلات الروائي، ذلك أن الأخير أقرب إلى عالم الاجتماع في فحص تحولات البلاد لجهة العنف وأسباب الهلاك، يقول لـ"المجلة": "كنت في صدد أن ألفظ خارجا ما اختزنته من كوابيس طوال عشرية الجحيم كنوع من العلاج لرأس يضج بالجنازات، فما كان يدهمني أثناء النوم على هيئة صرخة فزع تحوّل لاحقا إلى عواء حقيقي".
يخبرنا صويلح أنه بالقدر الذي صعب عليه الانسلاخ عن الحرب وما رافقها من فظائع وتحولات، فإنه لم يكن سهلا عليه توثيق كل ما حدث في هذا المسلخ العمومي راغبا بلملمة أشلاء خريطة ممزّقة، يعقب قائلا: "كانت الرحلة في الحافلة محاولة لتركيب المشهد على نحوٍ آخر تبعا للحواجز الأمنية التي تتقاسمها ميليشيات مختلفة، الأمر الذي حاولت أن أعكسه على بنية السرد بجمل قصيرة ووقفات تستجيب للمشهديات العابرة تبعا لنزوات المخيّلة في ذهابها وإيابها، واستثمار جماليات المكان الضيّق بمقعد في حافلة في استدعاء ذاكرة المكان بين الأمس واليوم".