يشهد الصراع بين إسرائيل و"حزب الله" تصاعدا متواصلا، على الرغم من الجهود الدبلوماسية المكثفة التي تبذلها واشنطن وباريس. وتتأذى المناطق الحدودية بين إسرائيل ولبنان بالأعمال العدائية شبه اليومية منذ بداية الحرب على غزة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فيما ازدادت الهجمات الأخيرة حدة وشراسة. وقد شرع المسؤولون الإسرائيليون كرد على ذلك يلمحون باضطراد إلى هجوم وشيك واسع النطاق على طول الحدود الشمالية مع لبنان، ما أثار تكهنات بإمكان حدوث عملية عسكرية كبيرة قبل نهاية الصيف.
وبينما يترقب العالم التحركات المقبلة، تتجه الأنظار نحو دمشق لفهم موقف الأسد الذي لا يزال غامضا. فسوريا، وهي حليف رئيس لـ"حزب الله" ولها حدود مشتركة مع لبنان، يمكنها أن تؤدي دورا استراتيجيا يؤثر على نتيجة هذه المواجهة. والسؤال المحوري هنا: هل سيقدم الأسد ثانية لـ"الحزب" دعما عسكريا ولوجستيا كالذي قدمه له في الصراع مع إسرائيل في حرب يوليو/تموز 2006، بل هل يمكن أن يصل هذا الدعم إلى حد فتح جبهة داعمة؟ أم إنه سيحافظ على موقف أكثر حيادية، كالذي رأيناه في حرب غزة؟
هبة في التصعيد
ترتبط التقارير التي تحذر من احتمال شن هجوم واسع النطاق على طول الحدود الإسرائيلية اللبنانية بزيادة التصعيد العسكري في الآونة الأخيرة. وتشير بيانات متاحة إلى أن شهر مايو/أيار شهد أكبر عدد من هجمات "حزب الله" على إسرائيل منذ 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023. فقد نفذ الحزب 325 هجوما، بمعدل 10.8 هجوما يوميا، مقارنة بشهر أبريل/نيسان الذي نفذ فيه 238 هجوما، بمعدل 7.8 هجوم يوميا.
وجدير بالذكر أن استخدام "حزب الله" للصواريخ المضادة للدبابات والطائرات المسيرة تضاعف مؤخرا مقارنة بشهر أبريل/نيسان 2024. وواصل "الحزب" هجماته المكثفة حتى في شهر يونيو، فاخترق المجال الجوي الإسرائيلي وألحق أضرارا بقواعد عسكرية وأصاب جنودا إسرائيليين وأشعلت قذائفه حرائق ضخمة في الغابات. وفي المقابل، كثفت إسرائيل غاراتها الجوية على جنوب لبنان، مستهدفة عناصر من "الحزب" وقدراته ومنشآته العسكرية باستخدام الصواريخ والطائرات المسيرة والطائرات المقاتلة.
التهديدات الإسرائيلية
ويتزايد حديث المسؤولين الإسرائيليين عن استعدادهم لشن هجوم واسع النطاق على طول الحدود الشمالية مع لبنان. فقد صرح رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هرتسي هاليفي، في 4 يونيو/حزيران بأن إسرائيل تستعد لشن هجوم عسكري على طول الحدود الشمالية مع لبنان وأنهم يقتربون من نقطة اتخاذ القرار بعد أن أجروا تدريبات مكثفة.