لطالما وُصفت إسرائيل في الصحافة الغربية والأبحاث الأكاديمية عموما على أنها "الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط"، ولكن هناك شواهد حالية على نظام حكم شمولي في الدولة اليهودية. يتمحور هذا النظام حول بنيامين نتنياهو، أو "ملك إسرائيل" كما يصفه أنصاره، والمحاط بمتطرفين مثل وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، والداعم لاحتلال عسكري مستمر لأكثر من خمسين عاما، والمؤيد لقوانين تمنح فوقية عرقية لليهود، فضلا عن التنكيل بمواطنين من اليهود لإدانتهم الحرب على غزة على صفحاتهم الشخصية بمواقع التواصل الاجتماعي، وسن قوانين لإغلاق وسائل إعلام أجنبية.
الديكتاتورية في إسرائيل في عهد نتنياهو "ذكية"، إذ يستغل رئيس الوزراء الأطول بقاء في السلطة، والمعروف أيضا بلقب "الساحر"، بعضا من مظاهر الحكم الديمقراطي، كالسماح بالمظاهرات، والمشاركة في انتخابات حرة، والاختلاف مع قيادات المعارضة في البرلمان، والامتثال لأحكام القضاء، لتحقيق مآرب شخصية ولتكريس حكم سلطوي في الباطن. لذا، أصبح نظام الحكم في إسرائيل هجينا، يجمع بين الديمقراطية والديكتاتورية في آن معا، وإن طغت سمات الديكتاتورية لا سيما بحكم استمرار الاحتلال العسكري غير القانوني منذ عام 1967.
لا نجد نظاما سياسيا ديمقراطيا يغض الطرف عن شن جيشه حربا شاملة ضد شعب آخر، بل إن الأنظمة الديمقراطية تنأى بنفسها عموما عن الانخراط في الحروب، ومن بينها الحروب الاستباقية، لأن الانتهاكات الحقوقية وجرائم الحرب ستقع حتما، فضلا عن المعارضة الشعبية العارمة للهرولة لشن حرب، فلا تحكم شريعة الغاب تلك الشعوب، بل تحكمها قيم إنسانية.