إذا كان من خلاصة أولية لزيارة المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين الراهنة إلى المنطقة، وتحديدا إلى إسرائيل ولبنان، فهي أن أميركا حاضرة بقوة في جبهتي غزة ولبنان، وأن فهم هذا الحضور لناحية أشكاله وحدوده وأهدافه يشكل معبرا رئيسا لفهم الحرب على الجبهيتن وتحديدا جبهة غزة، حيث يدور الصراع الرئيس في المنطقة بكل أبعاده المحلية والإقليمية والدولية.
في الواقع إن تشريح الحضور الأميركي في حرب غزة و"جبهات الإسناد" لا يستقيم إذا ما قيس على تقدير أهداف أميركا وخطوطها الحمراء داخل الصراع المفتوح. إن هذا الجانب في تناول حضور واشنطن في الحرب مهم وضروري لفهم جوانب رئيسة من واقع الحرب ومستقبلها لكنه غير كاف وحده لفهم الحرب بكليتها، إذ إنه يتعين أيضا الوقوف عند ما تريده أطراف الصراع الأخرى من الحرب سواء إسرائيل أو "محور المقاومة" بقيادة إيران، لكن في ما يخص المعطى الأميركي في الصراع فإن الأولوية هي لتقدير كيفية تعاطي إيران ووكلائها معه والذين يتحركون وفق قواعد "خاصة" عندما يتعلق الأمر بأميركا.
ما يجب قوله هنا إن مقاربة إيران والميليشيات الحليفة لها سواء "حزب الله" أو "حماس" للحضور الأميركي في الصراع هي مقاربة متحركة وذات مستويات عدة تتراوح بين حدين: الأولويات المحلية لـ"محور المقاومة" سواء في لبنان وغزة، والخلفيات الإقليمية والدولية للصراع مع واشنطن لناحية حدود نفوذها في المنطقة وقدرتها على إدارة صراعاتها وفرض رؤيتها فيها، وهنا لا يمكن الاكتفاء بالمقاربة الإقليمية وبالتحديد الإيرانية للصراع مع واشنطن إذ تدخل حكما حسابات دولية في هذا الصراع متصلة بالتنافس الدولي على الشرق الأوسط، بين أميركا من جهة والصين وروسيا من جهة أخرى.