اهتزت القارة العجوز ليل التاسع من يونيو/حزيران، على وقع نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي التي أسفرت عن خريطة جديدة غير تقليدية للمشهد السياسي وما تحمله من تداعيات ناتجة عن صعود أقصى اليمين، خصوصا في البلدان الستة المؤسسة للعمل الأوروبي المشترك (فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، بلجيكا، هولندا ولوكسمبورغ).
وقد شهدت أوروبا الغربية صعودا مذهلا لليمين المتطرف، بينما تراجع هذا التيار في أوروبا الوسطى الشيوعية سابقا، والأرجح أن "الخوف من النفوذ الروسي" كان له أثره على تعبئة المؤيدين لأوروبا في هذا النطاق.
لا تتمثل المفارقة فقط في مشهد منقسم جغرافيا وسياسيا، بل بسبب التزامن في التوقيت بين الصعود الشعبوي والقومي الوطني مع احتفالات أوروبا في الذكرى الثمانين لإنزال النورماندي وبداية تحريرها من النازية.
وبرز أهم مظاهر "التصدع الأوروبي" في فرنسا التي تغير فيها ميزان القوى السياسي ودفع ذلك رئيسها إيمانويل ماكرون لاتخاذ قرار حل الجمعية الوطنية وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة.
في المحصلة، يخرج الاتحاد الأوروبي ضعيفا من الانتخابات تلك في هذا المنعطف الدقيق من التنافس بين التكتلات الدولية. وفي لحظة الاحتياج إلى أوروبا متينة وفاعلة، يفقد "الاتحاد" بعض قدرة جذبه وتأثيره نتيجة تزايد رصيد المشككين في الفكرة الأوروبية. لهذا ستكون العواقب وخيمة مستقبلا إذا لم يتم استخلاص الدروس من إنذار لا لبس فيه.
دلالات الصعود الشعبوي وانعكاساته
تمخض الاستحقاق الانتخابي عن برلمان أوروبي راسخ بقوة في اليمين، مع وجود أكبر لأقصى اليمين مما كان عليه في الهيئة التشريعية السابقة، من دون وصوله إلى الحجم الذي خشي منه البعض، مع الإشارة إلى انقسامه بين مجموعتين.