العالم ليس على ما يرام. اضطرابات سياسية وصدامات عسكرية بلا كابح. النظام الدولي الذي تشكل بعد الحرب العالمية الثانية واستقر به الحال مع نهاية الحرب الباردة، والمنوط به ضبط إيقاع الحركة السياسية والاقتصادية العالمية تعرض لامتحان كفاءة جدي، فظهر أن عجزه أكبر من قدرته على احتواء النزاعات العسكرية الكبرى.
تُعد الحرب الروسية الأوكرانية والحرب الإسرائيلية على غزة، إحدى علامات الشيخوخة المبكرة اللافتة على النظام الدولي، وهي تراجع المسار السياسي في التعاطي مع الأزمات لصالح الخيار العسكري. لكن الأخطر، أن هذا ليس كل شيء. بل إن رقعة النار قد تدخل طور التمدد وليس الانكماش، فجزيرة تايوان مرشحة جدية لدخول دائرة النار، وقد تشكل مسرحا لصراع العمالقة- الولايات المتحدة والصين- وفخا لإسقاط طموحات التنين الصيني.
لقد تمكن "الحزب الديمقراطي التقدمي" في جزيرة تايوان، بقيادة لاي تشينغ تي، من الفوز على الأحزاب التقليدية في الجزيرة خلال الأشهر القليلة الماضية، مما فتح الباب أمام مواجهة محتملة بين حكومة تايبيه وحكومة بكين. الأخيرة، عبرت صراحة عن تحفظها على فوز "الحزب الديمقراطي التقدمي"، الذي من وجهة نظر صينية خالصة يمثل خطرا على وحدة الأراضي الصينية؛ بسبب دعوات الاستقلال التي تبناها الرئيس الجديد لاي تشينغ تي.
في خطاب التنصيب، دعا السيد لاي تشينغ الصين إلى "وقف الترهيب السياسي والعسكري ضد تايوان، وتقاسم المسؤولية العالمية مع تايوان في الحفاظ على السلام والاستقرار في مضيق تايوان، وكذلك المنطقة الكبرى وضمان تحرر العالم من هذه التهديدات"، معلنا في الوقت ذاته أن "تايوان هي بالفعل دولة مستقلة ذات سيادة".