أصدر مجلس الأمن الدولي يوم الخميس 13 يونيو/حزيران الحالي قرارا جديدا بخصوص السودان. وطالب قرار مجلس الأمن رقم (2736)، الذي طرحته المملكة المتحدة وصدر بموافقة 14 عضوا وامتناع روسيا عن التصويت، ميليشيا "قوات الدعم السريع" بإيقاف هجماتها المتواصلة وإنهاء الحصار المفروض على مدينة الفاشر بغرض الاستيلاء عليها منذ العاشر من مايو/أيار 2024، وأيضا طالب القرار بسحب جميع المقاتلين الذين يهددون سلامة وأمن المدنيين من المدينة ومحيطها.
ومدينة الفاشر هي عاصمة ولاية شمال دارفور، وهي الولاية الوحيدة من ولايات إقليم دارفور الخمس التي لا زالت حتى الآن خارج نطاق سيطرة "قوات الدعم السريع". ولهذا السبب فقد أصبحت الفاشر وولاية شمال دارفور عموما هي الملاذ الآمن لأهل الإقليم، حيث لجأ إليها نحو 2.4 مليون نازح فروا من الجحيم الذي أنزلته ميليشيا "قوات الدعم السريع" على المناطق التي سيطرت عليها في إقليم دارفور وبقية السودان. خصوصا بعد مجزرة الجنينة التي ارتكبتها "قوات الدعم السريع" في ولاية غرب دارفور ضد مجتمع المساليت في يونيو من العام الماضي.
وقد وثق تقرير لجنة خبراء الأمم المتحدة المعنية بدارفور أن عدد ضحايا تلك المجزرة وصل إلى ما بين 10 إلى 15 ألف قتيل في غضون أيام قليلة، بالإضافة إلى تشريد ونزوح مئات الآلاف من المواطنين إلى مناطق أخرى من السودان وإلى تشاد المجاورة. وأعادت ميليشيا "قوات الدعم السريع" الكرة مرة أخرى بارتكاب مجزرة ثانية ضد المساليت في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، ارتكبت فيها ما لا يعد ولا يحصى من جرائم الاغتصاب والعنف الجنسي والنهب والقتل على أساس الهوية إلى آخر جرائم الحرب التي لم تقتصد الميليشيا في ارتكابها.
وتضمن القرار نصا واضحا عن ضرورة التنفيذ الكامل لإعلان جدة بشأن الالتزام بحماية المدنيين في السودان، وهو المطلب الذي يطالب به قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في الرد على مقترحات العودة إلى التفاوض. حيث تم توقيع إعلان مبادئ جدة لحماية المدنيين بين قوات الجيش وميليشيا "الدعم السريع" في 11 مايو العام الماضي، بعد حوالي ثلاثة أسابيع من اندلاع الحرب، ولكن تواصلت هجمات الميليشيا على المدنيين في الخرطوم حينها وتوسعت في نهب بيوت المواطنين وطردهم منها واحتلالها بالإضافة إلى احتلال الأعيان المدنية مثل المستشفيات ومحطات تنقية المياه والكهرباء، بل وحتى محولات شبكات الاتصالات وإيقافها عن العمل.
ثم توسعت في حربها لتشمل مناطق واسعة من دارفور وارتكبت مجزرة الجنينة وتلتها بمجازر مشابهة في نيالا في جنوب دارفور ثم عند اجتياحها لولاية الجزيرة، حتى اتضح بشكل جلي أن "قوات الدعم السريع" تفاوض من أجل التفاوض في جدة أو في غيرها دون أي التزام ملموس ينعكس على الأرض لتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه خلال جلسات التفاوض. وهو ما أدى في خاتمة المطاف إلى توقف منبر جدة التفاوضي في ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي.