لندن- الجنرال جوزيف فوتيل يعرف الخليج وإسرائيل وسوريا والعراق والمنطقة العربية جيدا، تماما كما يعرف أفغانستان، من خلال عمله لأربعة عقود في الجيش الأميركي وتوليه مناصب قيادية، بينها قائد "القيادة المركزية الأميركية" (سنتكوم) خلال حروب خاضتها بلاده وتحالفات عملت على صيانتها. وبعد تقاعده من منصبه، حافظ على علاقاته وزياراته إلى الشرق الأوسط ولقاءاته في واشنطن مع صناع القرار فيها.
نقطة انطلاق هذا الحوار، الذي أجرته "المجلة"، كانت عسكرية صرفة، تتناول الدروس المستفادة من المواجهة المباشرة بين إسرائيل وإيران في أبريل/نيسان الماضي، لكن الحوار اتسع وتناول المشهد الإقليمي والدولي وتداعيات السباق الصيني– الأميركي.
على عكس البعض، فإن فوتيل مقتنع بأن إيران عندما أطلقت نحو 330 صاروخا ومسيرة على إسرائيل في ليل 13-14 أبريل، أرادت إلحاق دمار كبير، لكنه يشير إلى أن رد تل أبيب بقصف أصفهان "أظهر وجود اختلافات وفجوات مهمة" بين القوتين العسكريتين.
ما يقلقه، المزاوجة بين الذكاء الاصطناعي والمسيرات، إذ "إننا سنشاهد المزيد والمزيد من الجيوش، والمزيد والمزيد من الدول التي تحاول الحصول على هذه الأنواع من التقنيات، ثم تستكشف طرقا جديدة لتوظيفها في المجال العسكري. وأعتقد أن ما سنبدأ في رؤيته هو المزيد من التقدم في الربط بين الذكاء الاصطناعي والمسيرات معا".
لكن الأمر الذي يقلقه أكثر أن "جهد الاستحواذ على هذه التقنيات سيمتد ليشمل المنظمات الإرهابية". وأضاف فوتيل، الذي شارك في قتال "داعش" في سوريا والعراق، أن "أحد الأشياء التي نتعلمها من القتال ضد المنظمات الإرهابية أن هذه المنظمات تتمتع بخبث شديد، وتبحث دائما عن أفضلية. وسيستمرون في فعل الشيء نفسه مع المسيرات والذكاء الاصطناعي".
وتطرق الحوار إلى حرب غزة وتداعياتها، إذ إنه يعتقد أن "أحد التحديات التي تواجه الإسرائيليين في رأيي، أنهم لا شركاء لهم على الأرض يمكن أن يقدموا المساعدة لهم في هذا الأمر". وقال: "ما يفعله الحوثيون يرقى إلى مستوى الإرهاب البحري أو الإرهاب الاقتصادي. لا نستطيع أن نسمح لأي منظمة أو دولة بإغلاق الممرات المائية الدولية لمجرد أنهم يرون أن في ذلك مصلحتهم"، مضيفا: "علينا ملاحقة إيران وطرق إمداداتها على نحو أكثر فاعلية، علينا قطع الإمدادات".
وأعرب فوتيل عن دعمه توقيع اتفاق دفاعي سعودي– أميركي، قائلا: "وجود علاقات وشراكات وترتيبات جيدة مع شركائنا في هذه المنطقة أمر مهم. العلاقة القوية مع المملكة العربية السعودية مفيدة ليس لهم فحسب، بل لنا أيضا. ومن ثم، فأنا أؤيد بشدة هذه الصفقة الدفاعية المحتملة".
وهنا الجزء الأول من الحوار الذي أجري عبر تطبيق "زووم"، وتناول أيضا العلاقات بين أميركا والصين، وأوضاع العراق وعلاقته مع واشنطن وطهران...
* في بداية حرب أوكرانيا، كان هناك افتراض بأن المسيرات يمكن أن تكون فعالة للغاية، لأن الأوكرانيين استخدموها لتحييد الروس، لكن بعد ذلك في ليل 13-14 أبريل/نيسان، عندما قامت إيران بمهاجمة إسرائيل بنحو 330 مسيرة وصاروخا، أسقطتها دفاعات تل أبيب وحلفائها، كانت هناك نظرية مضادة... في رأيك، ما مدى فعالية المسيرات والصواريخ؟
- حسنا، شكرا لك. أعتقد أن الطائرات من دون طيار (المسيرات) والصواريخ فعالة للغاية وتشكل تهديدا حقيقيا يجب أن نكون مستعدين له دائما. أعتقد أن هناك بعض الأشياء المختلفة التي يجب مراعاتها هنا. بالتأكيد أنه عندما حاول الإيرانيون استخدام المسيرات والصواريخ ضد إسرائيل في أبريل، اصطدموا بنظام دفاع جوي متطور للغاية لا يملكه الإسرائيليون فقط، بل يملكه الأميركيون وبعض الشركاء الآخرين في المنطقة. وهذا نظام متطور للغاية، ولديه القدرة على اكتشاف التهديد، ومن ثم لديه الكثير من الأصول التي يمكن استخدامها لوقف هذه الأنواع من الهجمات والقيام بذلك بفعالية كبيرة جدا.
ربما لم يكن هذا بالضرورة هو ما شهدناه في أوكرانيا دائما أو في أماكن أخرى، حيث لا يوجد نظام دفاعي فعال، والرغبة في استخدام كل الموارد المتاحة لهزيمة هذا التهديد. لذلك، بينما أعتقد أن الدرس المستفاد من حادثة أبريل هو أهمية الدفاع الجوي، فإنني لا أعتقد أن أيا من هذا يقلل من تهديد المسيرات والصواريخ، فأنا أعتبرها تهديدا خطيرا للغاية يجب أن نأخذه في الاعتبار دائما.
* أيضا، سمعنا سيناريوهات مختلفة حول ما إذا كان الإيرانيون قد استخدموا مسيراتهم الأكثر تطورا، فما الحقيقة هناك؟
- ما كنت لأتوقع غير ذلك. لقد استخدم الإيرانيون عددا كبيرا من الصواريخ والمسيرات، كما تعلم (300)، وهو رقم جدير بالاعتبار. لا أعتقد أن هذا هو كل ما لديهم، وأعتقد أن لديهم بالتأكيد القدرة على فعل المزيد، ولكنني أعتقد أنهم كانوا يستخدمون أفضل أنظمتهم على الإطلاق في أول مرة تتبادل فيها إسرائيل وإيران الأخذ والرد.
لذا، هذا هو ما أظنه فيما يتعلق بهذا الشأن. ولكن مرة أخرى، اصطدمت تلك الأنظمة ببنية دفاع جوي فعالة للغاية تمكنت من هزيمتها بنجاح. لا أعرف لماذا سيكون من مصلحة إيران استخدام أي شيء آخر سوى أفضل أنظمتها.
عدد صواريخ ومسيرات إيران يقلقني
* لكن، كما تعلم، هناك بعض الأشخاص يقولون- وبهدف الجدال فقط- إن الإيرانيين لم يكونوا يريدون التسبب في ضرر كبير لإسرائيل، بل أرادوا فقط اختبار القدرات وإرسال رسالة سياسية؟
- أعتقد أنهم بالتأكيد أنجزوا ذلك من خلال اختبارهم، ولكن إذا كانوا يريدون الاستطلاع فقط، والقيام بالحد الأدنى كي يتمكنوا من إرسال رسالة إلى مواطنيهم بأنهم كانوا يردون، فأعتقد أنه كان من الممكن تحقيق ذلك باستخدام عدد أقل بكثير من 300 صاروخ ومسيرة.