لم يكن تمدد الموت إلى معظم قرى وبلدات جنوب لبنان إثر عملية 7 أكتوبر/تشرين الأول، ودخول "حزب الله" اللبناني في حرب مشاغلة مع الجيش الإسرائيلي، بردا وسلاما على القرى والبلدات الجنوبية المحاذية للحدود.
شريطٌ من نحو مئة قرية حدودية، يمتد صعوداً من بحر مدينة الناقورة الساحلية حتى تلال كفرشوبا عند أقدام جبل الشيخ، المتاخم لمرتفعات الجولان السوري، أثخنتها النيران المتبادلة، وأتلفت مزروعاتها وأشجارها المثمرة الحرائق الناتجة من القذائف الفوسفورية المحرمة دولياً، وبات المزارع الجنوبي المنهك مالياً ونقدياً في الأساس من تداعيات الأزمة الاقتصادية التي تعصف بلبنان منذ 2019، رهينة خيارين أحلاهما ذلّ وفقر وتشرد.
أول الخيارين، بقاؤه وصموده في أرضه متآخياً مع الخطر والجوع وفقدان محاصيله وجنى عمره، إلى حين إنتهاء "حرب الآخرين على أرضه".
وثانيهما، المغادرة نحو الملاذات الآمنة في الداخل اللبناني، متخلياً عن بساتين وحقول ومواسم ثمار الصيف من تفاح وعنب وكرز ورمان وغيرها، إلى الزيتون الجنوبي وزيته المميز، والمغامرة بخسارة كلية لعائدات سنوية لطالما استعان بها لتأمين قوت عائلته، وسندت موازنته الشخصية في مواجهة الإنهيار الاقتصادي وسقوط النقد الوطني.