بُنيت "هندوتفا"، التي تعني الهندوسية أو القومية الهندوسية، على أسس من التطرف الديني ورفض المساواة والوطنية المتطرفة والاستبداد. وتمتد جذورها بعمق إلى عصر من الضغائن التاريخية والأساطير والتصورات الخاطئة عن الهوية الوطنية والأهداف التي لا يمكن تحقيقها، والشعور المستمر بالدونية. وهي باختصار نقيض مفهوم الهند المعاصرة باعتبارها أمة تقدر التنوع، وتعتمد– وفقا لدستورها– العلمانية والديمقراطية وسيادة القانون.
وتهدف "هندوتفا" إلى استعادة عظمة الماضي الأسطوري، وتصور الهند كدولة هندوسية مهيمنة على المسرح العالمي. ولتحقيق هذا الحلم الطموح، يتعين عليها إخضاع وتشكيل سكان الدولة البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة، بينهم 200 مليون مسلم، للأساطير والأوهام القومية الهندوسية.
بيد أن تفاصيل العصر الذهبي الذي تسعى إلى استعادته ليست واضحة بما فيه الكفاية، مقارنة بوضوح وصراحة الظلم الذي يحيق بالمسلمين في الهند. لكن أنصار "هندوتفا" ماهرون في تعديل وتغيير أهدافهم استجابة للمشهد المتغير للسياسة العالمية.
تسيطر الطبقات العليا في المجتمع الهندوسي على أجندة "هندوتفا" في الغالب، وتعمل على نشرها من خلال وسائل الإعلام الخاضعة لسيطرة نخب رجال الأعمال. وبسبب العداء تجاه المسلمين والرفض الصارم للديانات التوحيدية مثل الإسلام والمسيحية، فإن جاذبية "هندوتفا" ذات طبيعة شعبوية إلى حد كبير. إن استراتيجيتها المتمثلة في إبعاد أتباع الديانات الإبراهيمية وشيطنتهم أمر بالغ الأهمية لاستمرارها، مما يمكن الطبقة الكهنوتية من البراهمة من تأكيد سيطرتها على الطوائف الأخرى وعلى الداليت، الذين يشغلون أدنى درجات التسلسل الهرمي المجتمعي وتم تهميشهم تاريخيا باعتبارهم "منبوذين".
"هندوتفا" كفكرة سياسية
لقد كان المجتمع الهندي معقدا على الدوام. وتجلى ذلك التعقيد في فترات تاريخية مختلفة بما في ذلك قرون الهيمنة الإسلامية وعصر الإمبراطورية المغولية من القرن السادس عشر إلى القرن الثامن عشر، ثم ما يقرب من قرنين من الزمان تحت سيطرة "شركة الهند الشرقية" وحكم التاج البريطاني.
ويمكن إرجاع أصول القومية الهندوسية إلى النصف الأخير من القرن التاسع عشر. وبعد وفاة الإمبراطور أورنغزيب، الذي حكم من 1658 إلى 1707، وكان من أقوى الحكام المسلمين، وسيطر على أجزاء واسعة من جنوب شرق وجنوب غرب الهند، بدأت الإمبراطورية المغولية القوية في التراجع، وحدث فراغ في السلطة أدى إلى مطالبة الكثير من القادة المحليين وأمراء الحرب بالاستقلال الذاتي من خلال نظام اللامركزية التي تلت ذلك.