ولم يتمكن حزب "بهاراتيا جاناتا" من الحصول على 272 مقعدا في "لوك سابها" (مجلس النواب بالبرلمان)، الذي يضم 543 عضوا منتخبا، ولم تصل أرقام "التحالف الوطني الديمقراطي" بأي حال من الأحوال إلى ما وعد به بالحصول على أكثر من 400 مقعد خلال الحملة الانتخابية.
وفي الانتخابات البرلمانية الأخيرة، استفاد "التحالف الوطني التنموي الهندي" (إنديا) بقيادة حزب "المؤتمر" من تصريحات قادة حزب "بهاراتيا جاناتا" للزعم بأن الحزب يعتزم تعديل دستور الهند بعد الاستقلال ليتوافق مع أجندته القومية الهندوسية. وقد نفى حزب "بهاراتيا جاناتا" هذا الادعاء بشدة، مؤكدا على المكانة الموقرة للدستور في الهند بين الأوساط الشعبية والسياسية.
وكانت أكبر هزيمة تلقاها حزب "بهاراتيا جاناتا" في ولاية أوتار براديش، أكبر ولاية في الهند. وأسفر الترتيب الاستراتيجي لتقاسم المقاعد بين حزب "المؤتمر" وحزب "ساماجوادي"، بقيادة رئيس وزراء الولاية السابق أخيليش ياداف، عن نجاح باهر لكتلة "إنديا" في هذه المنطقة الحرجة.
ولكن على الرغم من هذه النكسات، يظل حزب "بهاراتيا جاناتا" يمثل قوة هائلة من حيث الأرقام البرلمانية. فبينما لا تزيد مقاعد حزب "المؤتمر" الآن على 99 مقعدا، حصل حزب "ساماجوادي" على 37 مقعدا، وحزب "مؤتمر عموم الهند ترينامول" (AITC) بزعامة رئيس وزراء ولاية البنغال الغربية ماماتا بانيرجي على 29 مقعدا، وحزب "درافيدا مونيترا كازاجام" (DMK) بزعامة رئيس وزراء ولاية تاميل نادو، م. ك. ستالين، على 22 مقعدا.
ويشكل حزب "المؤتمر"، مع حزبي "ساماجوادي"، و"DMK"، جزءا من كتلة "إنديا"، التي تضم أكثر من عشرين حزبا يوحدهم هدف الإطاحة بحزب "بهاراتيا جاناتا" من السلطة. وهم في وضع يؤهلهم لاستغلال أي تصدعات في "التجمع الوطني الديمقراطي" بقيادة حزب "بهاراتيا جاناتا" إذا سنحت الفرصة.
فشل منظمي الاستطلاعات
أثبتت المعارضة أن أداءها في الانتخابات جاء أفضل كثيرا مما توقعته استطلاعات الرأي التي أجريت في الأول من يونيو والتي نشرتها شركات الإعلام الهندية ومراكز استطلاع الرأي. وكانت معظم الاستطلاعات قد منحت مودي وحلفاءه أغلبية الثلثين أو أكثر من المقاعد. وكان حزب "المؤتمر" وزعماء المعارضة الآخرون قد نددوا باستطلاعات الرأي التي أجريت نهاية الأسبوع ووصفوها بأنها "ألعاب نفسية" وأنه قد جرى التلاعب بها.
وقد كان للنتائج النهائية للانتخابات التي أُعلنت يوم الثلاثاء الرابع من يونيو تأثير عميق على الأسواق، حيث تسببت في خسارة فادحة بلغت 370 مليار دولار أميركي (حوالي 31 تريليون روبية هندية) من القيمة السوقية، وهو ما يمثل أكبر خسارة في يوم واحد خلال أربع سنوات، وذلك بعد أن ارتفعت بشكل حاد يوم الاثنين مع افتتاح الأسواق.
وعكست هذه الاضطرابات المالية الصدمة والفزع بين المؤيدين والمحللين على حد سواء. وشوهد رئيس إحدى وكالات استطلاع الناخبين وهو يبكي على شاشة التلفزيون، وجاهد مذيعو الأخبار البارزون، الذين غالبا ما يجري انتقادهم على أنهم "وسائل إعلام تابعة" بسبب موقفهم المؤيد لحزب "بهاراتيا جاناتا"، لإخفاء عدم تصديقهم.
وقد أعطى أداء حزب "بهاراتيا جاناتا" الأضعف من المتوقع لشركائه المحتملين في التحالف المزيد من الأوراق التفاوضية في الوقت الذي ينتظر فيه رئيس الوزراء ناريندرا مودي دعوة من رئيس الهند لتشكيل حكومة جديدة. ولكن مودي لم يبد ضعفا بل أعلن من مقر حزب "بهاراتيا جاناتا"، مساء الثلاثاء، عن ثقته في تشكيل الحكومة، وقال إن "التحالف الوطني الديمقراطي" يستعد لتشكيل حكومته الثالثة. وهذا الانتصار سيجعل مودي أول رئيس وزراء منذ جواهر لال نهرو يفوز بثلاث فترات متتالية في منصبه، ولم يفوّت مودي هذه الفرصة فأشار إلى انتخاب نهرو عام 1962 لتسليط الضوء على أهمية هذا الإنجاز.