وقد عزلت كل من أوكرانيا وروسيا كبار المسؤولين البيروقراطيين في مجالي الدفاع والأمن، ويمكن أن يعزى ذلك إلى عدم رضا الجانبين عن الطريقة التي تسير بها الأمور.
وقد كثفت روسيا في الشهرين الماضيين، من هجماتها على البنية التحتية للطاقة والمواقع المدنية بما فيها المباني السكنية والأسواق. وتهدف روسيا بذلك إلى كسر روح الشعب الأوكراني وتدمير البنية الاقتصادية التحتية قدر استطاعتها.
ليس بوسع روسيا أن تبتلع بلدا يبلغ عدد سكانه نحو 38 مليون نسمة ولا أن تمحوه عن وجه الأرض، لكن بوسعها أن تسعى، عن طريق تقليص مساحته ووضع أجزاء معينة منه تحت سيطرتها، إلى تحويله لـ"دولة آمنة" تعيش معها جنبا إلى جنب. والمنطقة التي تنوي روسيا السيطرة عليها هي منطقة تأخذ شكل هلال تمتد من الجزء الشمالي الشرقي من أوكرانيا حول خاركيف وصولا إلى شبه جزيرة القرم، وتتوسطها منطقة دونباس.
أما على الصعيد الدبلوماسي، فقد تمكنت روسيا من إدارة الأمور بشكل جيد في ظل هذه الظروف، وأبقت على علاقاتها المحورية مع الصين. بينما حظيت أوكرانيا، بوصفها ضحية العدوان، على دعم دولي واسع النطاق، إنما ليس بما يكفي لممارسة ضغط على روسيا قد يجبرها على التراجع.
مبادرة "صيغة السلام"
أطلقت أوكرانيا في الآونة الأخيرة مبادرة دبلوماسية بعنوان "صيغة السلام"، لتكون موضوع قمة السلام العالمية التي ستعقد في سويسرا يومي 15 و16 يونيو/حزيران على مستوى رؤساء الدول والحكومات. ومن المتوقع أن يشارك في القمة ما بين 80 إلى 100 دولة حيث ستكون العناوين الرئيسة للمداولات فيها هي قضايا السلامة النووية والأمن الغذائي والقضايا الإنسانية.
وأوضح مسؤول أوكراني رفيع المستوى أنه يمكن النظر إلى هذه القمة بوصفها اجتماعا لإطلاق عملية السلام، ولكن خلافا لما جرت عليه العادة في المفاوضات بين أطراف النزاع، فإن المجتمع الدولي هو من سيحدد المبادئ والعناصر الأساسية للتسوية المستقبلية المحتملة. وسوف تدعى روسيا لحضور الاجتماع المقبل.
انتقد الرئيس زيلينسكي الصين لتأليبها الضغط ضد القمة نيابة عن روسيا. وتثير سياسة الصين وعلاقاتها مع روسيا استياء أوكرانيا وحلفائها. وقد صرح الأمين العام لحلف شمال الأطلسي بعد الاجتماع غير الرسمي لوزراء خارجية الحلف في براغ، أن "الصين تدعم اقتصاد الحرب الروسي" وأن "روسيا لم تكن لتتمكن من شن حربها العدوانية على أوكرانيا لولا دعم الصين".
روجت الآلة الإعلامية الأوكرانية بصراحة في المراحل الأولى من الهجوم الروسي، أن الروس سيهزمون سريعا، أما الآن فيبدو أن الواقع غير ذلك.
أما على صعيد السياسة الداخلية في كلا البلدين، فقد انتخب بوتين مدة ست سنوات أخرى، بينما أرجئت الانتخابات في أوكرانيا إلى ما بعد نهاية الحرب بسبب الغزو الروسي والأحكام العرفية. ولكن في كلا البلدين، سيخضع السياسيون في المستويات الرفيعة ممن كانوا في السلطة خلال الحرب، للمحاسبة على ما فعلوه وما لم يفعلوه، وحتى في ظل نظام الرئيس بوتين الاستبدادي الذي لا منازع له.
على كلا الجانبين- مع الاحتفاظ بهذه الأفكار إلى جانب رسم الخطط للفوز بالحرب- أن يعملا على وضع نهاية لهذه اللعبة وأن يستعد كل منهما ليشرح "انتصاره" لشعبه وللجمهور الأوسع.