حدث استثنائي وتاريخي بكل المقاييس، هكذا توصف زيارة رئيس تونس قيس سعيد للصين، فهي الزيارة الرئاسية الأولى في تاريخ الدولة التونسية حظي خلالها الرئيس سعيد باستقبال لافت، له بالتأكيد دلالاته، خصوصا أنه يأتي في سياقات تقارب تونسي مع دول الشرق قد يترجم توجهات جديدة وسط توترات مع معسكر دول الغرب، الشركاء التقليديين لتونس منذ قيام دولة الاستقلال.
يعرف عن الرئيس سعيد أنه نادر التنقل وقليل الزيارات الخارجية، ويشكل غيابه عن المحافل الدولية موقفا يحرص الرئيس سعيد على تفسيره شخصيا خلال اجتماعاته بمن كلفهم تمثيل الدولة التونسية. بالمثل، تعد المشاركة أيضا موقفا ورسالة سياسية وديبلوماسية من رئيس تونس، يعكسان خيارات واضحة يبدو أن أهمها خلال عهدته الرئاسية التي تشارف النهاية، في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، حضوره المنتدى الصيني العربي الذي انعقد في 28 مايو/أيار المنصرم.
أفضت زيارة الصين إلى إعلان "شراكة استراتيجية" بين تونس وبكين، وتوقيع سبع مذكرات تفاهم، هي: اتفاق تعاون اقتصادي وفني، ومذكرات؛ لتقوية التعاون الإنمائي وانشاء فريق عمل للاستثمار، التنمية والنهوض بتفعيل مبادرة التنمية العالمية، التنمية الخضراء وخفض الانبعاثات الكربونية، واتفاق تعاون بين الإذاعة التونسية والهيئة الصينية للإذاعة والتلفزيون، وآخر بين وكالة تونس أفريقيا للأنباء ووكالة أنباء "شينخوا"، ومذكرة بين التلفزة التونسية ومجموعة الصين للإعلام.
من واشنطن إلى بكين
مراسم الاستقبال الرسمية المبهرة التي أقيمت على شرف الرئيس التونسي يوم الجمعة 31 مايو/أيار في الساحة الشرقية لـ"قصر الشعب" في بكين، أعادت إلى الأذهان الاستقبال الضخم الذي حظي به الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة في شهر مايو/أيار عام 1961 لدى أول زيارة لأول رئيس تونسي بعد الاستقلال للولايات المتحدة الأميركية، وكان في استقباله الرئيس الأميركي جون كينيدي.