يمكن وصف البرلمان الأوروبي الذي سينبثق عن انتخابات 9 يونيو/حزيران بالأكثر يمينية في تاريخ الاتحاد منذ نشأته عام 1957، بسبب احتمال صعود أحزاب متطرفة تدعو إلى مزيد من الانعزالية القارية، والشعبوية السياسية والاقتصادية التجارية، والشوفينية الوطنية، وحتى العنصرية العرقية والثقافية. وهو تحول يخيف الأوروبيين أكثر من جيرانهم في جنوب البحر الأبيض المتوسط، بسبب مخاطر تشرذم المجتمع وانقسامه على نفسه، وانغلاقه في زمن التحديات الجيوستراتيجية والمناخية الكبيرة، وعدم القدرة على تدبيرها قاريا. وإذا كان الغضب من الحكومات الحالية، ومعاقبة سياساتها الاقتصادية والاجتماعية، وتنامي الفقر والصعوبات الاجتماعية، يفسر بعضا من أسباب الانعطاف يمينا، فإن المبالغة في تحميل الآخرين أسباب الأزمات المتلاحقة قد ينعكس سلبا على الاتحاد الأوروبي في علاقاته الخارجية.
سقوط التابوهات وبداية الخلافات
ما كان يُصنف بأنه تابوهات قبل جيل أو أكثر، أصبح اليوم خطابا متاحا ومباحا في الإعلام العمومي ومواقع التواصل الاجتماعي، حيث يُسمح بالهجوم على لون وثقافة ومعتقدات جزء من مكون النسيج المجتمعي الأوروبي، واتهامه بدعم الإرهاب ومعاداة السامية، والانفصالية الثقافية والدينية، واحتراف العنف، وتجارة المخدرات، ونشر التطرف. ويتزعم حزب التجمع الوطني الفرنسي ( Rassemblement National) جوقة الداعين إلى إعادة (تسفير) بعض المهاجرين المغاربيين إلى بلادهم حتى لو ولدوا في أوروبا، ومنع استعمال اللغة العربية والدين في الفضاء العام، وتجريم ارتداء الملابس الإسلامية في المدارس الفرنسية، ومعاقبة المخالفين لقوانين الجمهورية المعتمدة على اللائكية. وهو تحذير موجه بالأساس إلى أبناء مهاجرين من شمال أفريقيا والشرق الأوسط.