في فبراير/شباط عام 2018، كنت في العاصمة الأردنية عمان، بدعوة من مكتب الملك عبدالله الثاني للقائه ضمن نخبة من الزملاء الأكارم.
ما تحدث به الملك عبدالله وقتها كان وافر الأهمية وفي الشقين المحلي والدولي. وبناء على طلبه الشخصي أكثر من مرة، لم يكن الحديث للنشر، لكن ما انتبهت إليه في حديثه (وفي أحد المفاصل كان يحاور كاتب هذا المقال في مداخلة)، أنه كان دائم التركيز وبشكل مستمر على أن الآتي مع جيل الشباب القادم سيكون أفضل. وفي محور ما كنت أتحدث به عن تزوير الوعي الجمعي للناس طوال عقود، أشار الملك لي موافقا بقوله إن "جيلنا" راحت عليه ولن يدرك حجم التغيرات، ثم استطرد بحماس: "لكن الأمل في الجيل الجديد"، وأن علينا العمل بسرعة لكي نهيئ القادم لهذا الجيل، ثم تحدث عن رؤيته لمحتويات ذلك القادم والمستعجل.
تلك اللحظة، اعتقدت أن الملك عبدالله يتحدث عن الشباب بشكل عام، لكنني منذ عام 2018، أتابع نشاطات ولي العهد الأمير حسين ومرافقته لرأس الدولة في معظم الاجتماعات واللقاءات لأجد أن الملك كان يتحدث عن الشباب وفي ذهنه دوما صورة نجله الأمير الذي قطع شوطا كبيرا في تهيئته كمشروع ملك بحكم أنه ولي العهد.
لقائي مع الأمير حسين
أواخر نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، حظيت بلقاء الأمير حسين نفسه في مكتبه بمبنى على طرف مجمع قصر الحسينية بكل مكاتبه. وكنت هيأت نفسي لأخذ الانطباعات قدر الإمكان عن شخصية ولي العهد الأردني. كان اللقاء– لحسن حظي- طويلا بما يكفي لأجد بعض مفاتيح فهم شخصية الأمير حسين، ومنها بما لا يخفى على من يتحدث معه أنه ملم بالتاريخ، وإلمامه بالتاريخ ليس قائما على منهجية السردية والحكاية المحكية، بل قراءة واعية للتاريخ كتعاقب أيديولوجي وفكري للأحداث يصل فيها إلى فهم الحاضر والبناء عليه.
الأمير الشاب يصغي باحتراف، ويضبط تعابير وجهه على مقاسات الحديث بالضبط دون زيادة، وهو ما جعل عملية فهم شخصيته بالنسبة لي تحديا إضافيا. لكنني وجدت أن من مفاتيح شخصيته المميزة ونقطة ضعفه- إن جاز التعبير- أنه يتفاعل فورا مع أي انتقاد حقيقي في مسائل الدولة الأردنية، ويدفعك بمداخلاته "المحفزة" إلى أن تخوض أكثر في عمق أزمة أي ملف، فيدخل في حوار حقيقي يكشف فيه قراءة "ناقدة" دون تشنج لكثير من شؤون الدولة الأردنية وأزماتها.