ما تأثير إدانة ترمب على "النيات الانتخابية" للأميركيين؟

يبدو ترمب في وضع أصعب انتخابيا بعد الإدانة الأخيرة

ادواردو رامون/المجلة
ادواردو رامون/المجلة

ما تأثير إدانة ترمب على "النيات الانتخابية" للأميركيين؟

كان يوما سيئا لدونالد ترمب، بلا شك، بعد أن وجدته هيئة المحلفين مذنبا في كل التهم الأربعة والثلاثين التي قدمها الادعاء العام في ولاية نيويورك ضده في قضايا تزوير السجلات المالية في إطار تقديمه رشوة للممثلة الإباحية ستورمي دانيالز ثمنا لسكوتها عن علاقة جنسية سابقة بينهما.

كان رد الرئيس السابق كالعادة متحديا أمام جمع من الصحافيين بعد صدور حكم الادانة مباشرة "هذا عار. كانت محاكمة مزورة قادها قاض تتنازعه مشاعر متناقضة وكان فاسدا. إنها محاكمة مزورة. إنها عار. الحكم الحقيقي سيكون في الخامس من نوفمبر." على الأغلب لن يساعد اتهام ترامب للقاضي خوان ميرشان الذي أشرف على المحاكمة بالفساد حظوظَه القضائية، إذ سيتولى ميرشان في 11 يوليو/تموز المقبل اختيار الحكم المناسب ضد ترامب، بعد جلسة استماع مخصصة لهذا الغرض، ففي النظام القضائي الأميركي تتولى هيئة المحلفين، التي تتكون من 12 مواطنا عادياً يُختارون بعناية، تحديد الذنب من البراءة على أساس الأدلة المقدمة، فيما يتولى القاضي إصدار العقوبة المناسبة إذا قررت هيئة المحلفين أن المتهم مذنب.

قانونيا، يمكن أن يتلقى ترمب حكما بالسجن يصل إلى 4 سنوات، لكن يستعبد أغلبية المراقبين صدور هذا الحكم الأعلى، و يرجحون حكماً بالتغريم او خليطا من غرامة وتقييد حركة أو خدمة اجتماعية. ايا يكن الحكم، فالضربة الأقسى لترمب قد حصلت بالفعل وهي أنه أصبح مدانا بجرائم، أي مجرماً، وليس مجرد متهم.

يجعله هذا أول رئيس سابق مدان بجريمة وكذلك أول مرشح رئاسي يحمل هذه الصفة. لن يمنع أي حكم يصدره القاضي، بما فيه السجن، ترمب من المضي في ترشيحه الرئاسي ولا من خوض الانتخابات الرئاسية والفوز فيها، فالمادة الثانية من الدستور الأميركي تنص على ثلاثة شروط فقط لخوض السباق الرئاسي والفوز فيه: أن يكون المرشح مولودا في الولايات المتحدة الأميركية، وألا يقل عمره عن 35 عاما وأن يكون ساكنا في الولايات المتحدة على مدى ال 14 عاماً الأخيرة. لكنَّ أحكاما بالسجن أو الإقامة المنزلية سواءٌ في القضية الحالية في نيويورك أو القضايا المقبلة تخلق مصاعب لوجستية جمة لترمب ستحتاج على الأكثر إلى قرارات محاكم للتقرير بشأنها في ظل عدم وجود سوابق بهذا الصدد.

يبدو ترمب في وضع أصعب انتخابيا بعد الإدانة الأخيرة

على الأكثر أيضا سيمضي ترمب في درب استئناف أي حكم يصدره القاضي في يوليو المقبل أمام محاكم أعلى، اذ يكسبه هذا بعض الوقت كي يخوض حملته الانتخابية دون قيود، فضلا عن احتمالات قدرته الإطاحة ببعض أو كل احكام الإدانة التي اصدرتها المحكمة.

مع ذلك، تبقى المصاعب الأشد التي تواجه ترمب في هذه المرحلة مصاعبَ انتخابية وليست قانونية، وتتعلق بالنيات التصويتية للناخبين في ضوء الإدانة الأخيرة. تشير معظم استطلاعات الرأي السابقة على إصدار الحكم الأخير الى إن هذه النيات للأغلبية الساحقة من الأميركيين (بحدود 67 بالمئة من مجمل المصوتين بينهم 74 بالمئة من المستقلين) لن تتأثر بنتيجة هذا الحكم، خصوصاً لأن القضايا المرفوعة طابعها تقني ومرتبطة بمخالفات مالية، ويعتبرها الكثيرون ليست خطيرة أو جدية بما يكفي، بخلاف القضايا الأخرى في ولايتي جورجيا وفلوريدا والعاصمة واشنطن، التي لا يُعتقد أن احكاما ستصدر فيها قبل الخامس من نوفمبر، موعد الانتخابات الرئاسية. 

 تبدو المشكلة الحالية التي يواجهها ترمب في الأقلية الصغيرة التي قد تغير قراراتها التصويتية على أساس هذا الحكم. فحسب استطلاعات الرأي نفسها، أشار نحو 10 بالمئة من الجمهوريين، مقابل 11 بالمئة من المستقلين إلى أن احتمالات تصويتهم لترمب ستتراجع إذا صدر حكم إدانة بحقه.

في ضوء انتخابات تؤكد كل المؤشرات المتيسرة إلى تنافس شديد ونتائج متقاربة جدا فيها تقع ضمن هامش الخطأ في الاستطلاعات، فإن التراجع المفترض  لـ 10 بالمئة من المصوتين المحتملين يمكن أن يكون له تأثير حاسم في نتيجة هذه الانتخابات، خصوصا إذا كان هؤلاء من المصوتين في الولايات المتأرجحة كميشغان ونورث كارولاينا وأريزونا وجورجيا ونيفادا.

رويترز
شخص يحمل نسخا من صحيفة نيويورك تايمز، أثناء طباعتها، عقب إعلان الحكم في المحاكمة الجنائية للرئيس الأميريكي السابق دونالد ترمب

بالإضافة الى ولايتي بنسلفانيا ووسكنسن، يُعتقد واسعا أن هذه الولايات السبع المتأرجحة ستحسم نتيجة الانتخابات في نوفمبر، وبالتالي فإن أي تراجع في التصويت لترمب فيها يتجاوز الخمسة بالمئة من نسبة المصوتين على خلفية الإدانة الأخيرة، سيكون كارثياً بالنسبة له. 

بالرغم من كل هذا، فإن استطلاعات الرأي في الأشهر الأولى من الحملة الانتخابية ليست كاشفة أو يُعتمد عليها كثيرا خصوصاً وأن الحملة الانتخابية لكلا المرشحين لم تبدأ على نحو جدي. فالنيات التصويتية تتبدل عادة على أساس عوامل مختلفة، بعضها شخصي او لا يمكن توقعه، لكن عموما يمكن تتبع  هذه النيات على نحو أدق وأقرب للحقيقة عبر وبعد المناظرتين الانتخابيتين اللتين ستجمعان بايدن وترمب، الأولى في الـ 27 من حزيران/يونيو والثانية في العاشر من سبتمبر/أيلول المقبل. بغض النظر عما ستؤول إليه المناظرتان والوقائع السياسية والاقتصادية التي قد تبرز في الفترة المقبلة ويمكن أن تؤثر على نتيجة الانتخابات في نوفمبر، يبدو ترمب في وضع أصعب انتخابيا بعد الإدانة الأخيرة.   

font change

مقالات ذات صلة