ينبغي لناقوس الخطر أن يدق بقوة بعد إطلاق النار بين القوات المصرية والإسرائيلية المنتشرة على جانبي الحدود بين مصر وغزة لمعبر رفح، الواقع بين سيناء والأراضي الفلسطينية التي مزقتها الحرب، يوم 27 مايو/أيار. فالحادث الذي أدى إلى مقتل مجند مصري من سلاح حرس الحدود يمكن أن يشكل الشرارة التي تسبق اللهب العظيم.
وكانت التوترات بين مصر وإسرائيل قد تصاعدت منذ أن بدأت الأخيرة هجومها على مدينة رفح جنوبي قطاع غزة واحتلت الجانب الغزي من المعبر في 7 مايو/أيار. وعلى الرغم من الوجود العسكري الخفيف لإسرائيل على الجانب الفلسطيني من المعبر- حيث لم يكن هناك سوى عدد قليل من المركبات المدرعة والدبابات- فإن الاحتلال الإسرائيلي للمنطقة جعل الدماء في مصر تغلي.
يأتي غضب مصر من عدة اعتبارات جيوستراتيجية تمس سيادتها القومية ووزنها الإقليمي وأهميتها في الصراع في غزة. فلسنوات طويلة، استمدت القاهرة جزءا من أهميتها الإقليمية من نفوذها في ملف إسرائيل وغزة، خاصة منذ أن باتت غزة مصدر صداع لتل أبيب بعد سيطرة "حماس" عليها وطرد السلطة الفلسطينية منها عام 2007.
وينبع معظم النفوذ المصري في هذا الملف من كون مصر البوابة الوحيدة للدخول إلى غزة والخروج منها، حيث أغلقت إسرائيل معابرها الحدودية الخمسة مع القطاع الفلسطيني المحاصر. وهذا ما أعطى مصر نفوذا على "حماس"، حيث بات بإمكان القاهرة إيقاف تدفق الغذاء والوقود والإمدادات، إذا ما أساءت الحركة الحاكمة في غزة التصرف.
ولكن، كما يقول المحللون في القاهرة، فإن احتلال إسرائيل للمعبر يهدد بخسارة مصر لأهميتها في ملف إسرائيل وغزة وربما لجزء من ثقلها الإقليمي.
وقال حسين هريدي، المساعد السابق لوزير الخارجية المصري، لـ"المجلة": "جزء من الغضب المصري مرتبط برغبة مصر في عدم تشريع الوجود الأمني الإسرائيلي في المعبر، وهو جزء من الرفض المصري للسيطرة الإسرائيلية على غزة". وأضاف أن "احتلال إسرائيل للمعبر ووجودها العسكري في غزة يؤثران على سياسة مصر المستمرة منذ عقود تجاه القضية الفلسطينية".
اشتداد معارضة مصر للحرب
منذ البداية، عارضت مصر الهجوم الإسرائيلي على غزة. وبصرف النظر عن قلقها إزاء الخسائر البشرية والدمار الذي خلفته الهجمات الإسرائيلية في شمال ووسط غزة، كانت القاهرة تخشى أن تجبر الهجمات نفسها سكان غزة على الفرار نحو الحدود المصرية ثم إلى سيناء، الأراضي المصرية التي تشترك في الحدود مع كل من غزة وإسرائيل.
واشتدت معارضة مصر للعمليات الإسرائيلية في غزة مع اقتراب الجيش الإسرائيلي من جنوب القطاع، وهو التطور الذي جعل إمكانية نزوح مئات الآلاف من سكان غزة الذين لجأوا إلى رفح خارج مدينة غزة الجنوبية وإلى سيناء أكثر احتمالا.