يمنى العيد (حكمت الصباغ) روائية وناقدة وأستاذة جامعية لبنانية، أغنت المكتبة العربية بمؤلفات أدبية ونقدية، ونجحت في مسيرتها الغزيرة بالمؤلفات والكثيفة بالمعرفة أن تكون من المؤثرين الفاعلين في دراسة الأدب العربي. ما انتجته الدكتورة يمنى العيد يفصح عن وعي عال بمناهج النقد الحديثة، وحرص واضح على الجمع بين النظرية والتطبيق، رفيقة درب المثقفين الشيوعيين والماركسيين، من مهدي عامل وحسين مروة إلى الجزائري كاتب ياسين. عن تجربتها منذ الطفولة مرورا بالكتابة وركونا إلى الخيال، كان هذا الحوار.
- بعد تجربتك الممتدة في العمر كيف تنظرين الى الماضي، وهل الحاضر هو ما توقعته؟
ربما في كلامك عن العمر، تبادرت إلى ذهني عبارة وضعتها عنوانا في القسم الثاني من السيرة الروائية "زمن المتاهة"، أي بمعنى أن الزمن هو كثافة لحظوية، والماضي بالنسبة الى هذه اللحظة هو مجرد ذاكرة وذكريات موجودة في ذهننا وفي مشاعرنا وفي لاوعينا وفي ما نكتب مدوناتنا، والمستقبل بالنسبة إليّ هو الحلم، المجهول، هو ما نصبو إليه، هو ما نتأمل فيه، هو ما نخافه، هو ما نتوقعه، هو مشاعر تربطنا بما نريد، بما نحلم، لكن ليس له وجود فعلي الا عندما يصبح الآن. في هذا المعنى قلت الزمن هو الآن وعبره سأشكل مدخلاً لأقول لك من أنا.
سؤال الهوية
- "من أنا؟"، هكذا تستهلين كتابك "أرق الروح". هل توصلت إلى جواب؟
عندما أفكر بعمق في "الأنا"، لا من موضع التعريف البيوغرافي أو السيرة الذاتية، أشعر أنني أنا أكثر من أنا وربما أقل من أنا. الأكثر هنا ليس بمعنى التضخيم بل التعدد والتناقض والاختلاف والتنوع. أنا كل زمني الذي عشته واختلفت فيه بين مرحلة وأخرى، كنت وصرت، وأطمح أن أصير. فأنا هذه الصياغة الدفينة في نفسي والتي أسعى انطلاقا منها ومن مجموعة التنوع الذي يشكل كيان الإنسان وحلمه وعلاقاته وحبه وكراهيته. نحن لا نتكرر، لا أشعر بأنني أتكرر، إنما أتجاوز، أصبح مختلفة، كائنا يحمل في داخله مكانا ويحلم بما سيأتي ليكون هو هذه اللحظة. الإنسان حالة من النمو والاختزان، من العطاء والتلقي، من التناغم والتناقض. يوجد دينامية داخلنا، تنمو بما نقرأ وبما نشاهد، بما نكتسب. مثلا أنا قبل أن أسافر وأحب وأتألم وأتامل وأكتب، ما صرته ليس ما كنته. في هذا المعنى، أحاول أن أفكر من أنا وربما لا ألقى الجواب النهائي.