بعد ثلاثة أسابيع من بدء العملية العسكرية البرية الإسرائيلية في مدينة رفح، وإعادة احتلال الجيش الإسرائيلي لمعبرها البري، وهو الوحيد الذي يربط مليونين وثلاثمئة ألف فلسطيني في قطاع غزة مع العالم، ما زال الجيش الإسرائيلي يفرض سيطرته على المعبر المُغلق منذ السابع من مايو/أيار الحالي، فيما يعمل على التوغل برا وسط المدينة.
ركز الجيش الإسرائيلي منذ بداية توغله على مناطق رفح الجنوبية الشرقية، حيث يوجد إلى جانب معبر رفح البري، معبر كرم أبو سالم التجاري والذي كان المنفذ الأبرز في دخول البضائع وحتى المساعدات الإغاثية على مدار أكثر من سبعة أشهر- عُمر الحرب الإسرائيلية الحالية– ليتوقف بذلك توريد المساعدات الغذائية والطبية والمحروقات. وبعد ضغوط الولايات المتحدة التي مارسها الرئيس جو بايدن، سمحت إسرائيل بدخول بعض الشاحنات المٌحملة بالبضائع من خضراوات وفواكه ومواد غذائية إلى بعض التٌجار في جنوب قطاع غزة فقط، من دون السماح بدخول البضائع التي تُباع في الأسواق وسط وجنوب القطاع.
ولتبرير إغلاق المعابر وتوقف تدفق المساعدات الإغاثية، عمل الجيش الأميركي على تركيب ميناء عائم جنوب غربي مدينة غزة، وبدأ العمل عليه واستقبال سُفن المساعدات الواردة من ميناء في اليونان وبعد تفتيش وإشراف إسرائيلي، حيث بدأت مؤسسات دولية وأممية باستلام أطنان من المساعدات الغذائية لتدفع بها إلى جنوب قطاع غزة، مع تعمد الجيش الإسرائيلي منع وحرمان سكان مدينة غزة وشمال القطاع من وصول المساعدات الغذائية لهم رغم وجود الميناء على بُعد بضعة كيلومترات من مركز مدينة غزة.
وقبل بدء العملية العسكرية، كان يقطن مدينة رفح، قرابة مليون و200 ألف غزي، أكثر من الثلثين هُم نازحون من مختلف مدن ومخيمات القطاع، حيث كانت الولايات المتحدة تُبدي عدم موافقتها على العملية العسكرية في ظل استمرار وجود تلك الكثافة السُكانية من النازحين. لكن ومع مُطالبات الجيش الإسرائيلي لسكان المناطق الشرقية بالإخلاء، بداية العملية العسكرية، والتي تبعها بعد أيام معدودة مُطالبة أخرى بنزوح مُربعات وأحياء سكنية إضافية امتدت حتى وسط رفح، اضطر ما بين 700 إلى 800 ألف غزي للنزوح إلى مخيم النصيرات ومدينة دير البلح وسط القطاع، والجزء الغربي لمدينة خانيونس المُدمرة بفعل التوغل البري السابق في المدينة.
وبعد اضطراري إلى النزوح من مدينة رفح التي مكثت فيها قرابة خمسة أشهر، قررت العودة بعد أيام من انتقالي في خانيونس إلى غربي رفح. وعلى الطريق قابلت عطية حميد ( 54 عاما) من مدينة غزة وكان قد نزح في وقت سابق خلال الحرب إلى مخيم النصيرات ثم اضطر للنزوح مجددا إلى مدينة رفح. ومع بدء العملية العسكرية على رفح جنوبي قطاع غزة، اضطر إلى النزوح وعائلته مرة أخرى إلى منطقة المواصي غربي مدينة خانيونس، يقول: "صرنا مش عارفين وين نزرع خيمتنا، كلما نضطر للنزوح إلى مكان جديد، نتحمل تكاليف الانتقال والبدايات الجديدة، إسرائيل لا تريد أن تمنحنا الاستقرار وذلك بحجة الحفاظ على أرواحنا كمدنيين".