على سبيل المثل، طالبت غرف الصناعة واتحاد غرف الصناعة السورية الحكومة بشكل متكرر في السنوات القليلة المنصرمة بضمان توفير السلع ومصادر الطاقة المطلوبة، لا سيما الكهرباء، للمنشآت الصناعية والمصانع. غير أن توفير الكهرباء لم يتحسن، بل على العكس، مما أثر على قطاع الصناعة بأكملها. كما أن "خط الكهرباء الذهبي" الذي توفره الحكومة للأنشطة الاقتصادية ويضمن رسميا تزويد الكهرباء في النهار، باستثناء يومي الجمعة والسبت، يبقى مكلفا وغير متوفر غالبا في العديد من المناطق، بالإضافة إلى انقطاعاته المتكررة.
وفي ظل غياب الكهرباء وارتفاع تكاليفها، وكذلك الوقود، تتوقف العديد من المنشآت الصغيرة والمتوسطة السورية عن العمل، مما يؤدي إلى فقدان فرص الدخل للأسر الضعيفة. ووفقا لتقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في عام 2022، تلحق أكبر الأضرار بالنجارين والحلاقين والخياطين وورش العمل الميكانيكية أو الصناعية إذ لا يمكنهم تحمل تكلفة مصادر الطاقة البديلة.
في منتصف أبريل/نيسان 2024، بعد إدخال زيادة جديدة على سعر الكهرباء في فبراير/شباط كما ذكرنا أعلاه، عقد اتحاد الغرف الصناعية السورية اجتماعا دعا فيه إلى خفض تكاليف الكهرباء، وإلا سيلحق ذلك "كارثة حقيقية" بالصناعيين، مما يؤدي إلى إغلاق العديد من المصانع. وصرح صناعي من حلب بأن أكثر من 25 مصنعا للحديد توقفت عن الإنتاج لارتفاع تكلفة الإنتاج، بما في ذلك ارتفاع أسعار الكهرباء.
ثمة آثار عديدة على السكان. على سبيل المثل، تأثرت إمدادات المياه كثيرا نتيجة الدمار والضرر الذي لحق بالنظام الكهربائي في البلاد، مما يعرض الحصول على المياه للخطر. وتفتقر كثير من المدن والمناطق إلى إمدادات المياه بسبب انقطاع الكهرباء ساعات طويلة والتقنين، وتضررت أيضا معدات معظم الآبار التي تعتمد على الكهرباء. ولا تستطيع الغالبية العظمى من السكان التعامل مع قصور الشبكات لأن البدائل، مثل مولدات الطاقة الشمسية والمولدات التي تعمل بالوقود، تتجاوز القدرة الشرائية لمعظم السكان.
ويظل توفير المياه للمنازل للاحتياجات المنزلية (مثل الغسيل) معقدا أيضا لنقص الكهرباء ودمار البنية التحتية. وقد أدى ذلك إلى ارتفاع تكلفة المياه على نحو متزايد، مما يشكل عبئا ماليا إضافيا على الأسر التي تعاني من انخفاض الدخل. توجد هذه العوامل في أنحاء مختلفة من البلاد، لكنها تبرز على الخصوص في أطراف المدن الرئيسة والبلدات الصغيرة والمتوسطة والمناطق الريفية.