السينما الإيرانية، من تلك السينمات المتأملة الهادئة في كثير من الأحيان، يلجأ صناعها عادة إلى ما يُسمّى "الصورة المفتوحة" التي تحتفي بالبطء واللقطات الطويلة، مما يضفي عليها شعرية من نوع خاص. وقد استطاعت خلال العقود الأخيرة تثبيت مكانتها بين السينمات العالمية، وكذلك المشاركة، بل وتحقيق الفوز في أكبر المهرجانات السينمائية. علاوة على ذلك، تعد صناعة السينما في إيران من أكثر الصناعات نشاطا، حيث تنتج ما يقارب مائة فيلم سنويا. وذلك على الرغم من ملاحقة السلطة الإيرانية للسينما وللسينمائيين، وسجن العديد منهم أو منعهم من ممارسة الإخراج من الأساس، مما اضطر المخرج الإيراني جعفر بناهي إلى وصف فيلمه، في نوع من السخرية، بـ"هذا ليس فيلما"(2011) حين منع من صناعة الأفلام.
السينما المستقلة
لمزيد من الإيضاح، لا بد من الإشارة إلى نوعين من السينما الإيرانية: تشغل السينما الشعبية القسم الأكبر منها وهي التي تحظى بدعم وتقدير الدولة بمحليتها المفرطة. في المقابل، ظهر نوع آخر من الأفلام طبقت شهرتها الآفاق، وهي سينما مستقلة يعمل صناعها في الخفاء على نحو يشبه لعبة القط والفأر بين السلطة الإيرانية وصناع الأفلام، ساهمت في خلق أجواء درامية ومثيرة تفوق ما يحدث في الأفلام. بدأت هذه الدراما مع انتقال إيران من حكم الشاه محمد بهلوي إلى ولاية روح الله الخميني (1979)، في ظل تداعيات الثورة الإسلامية التي قادها الخميني، حيث عمل مجموعة من المخرجين -فرادى أو جماعات- على صنع أفلام مقاومة للسينما السائدة، التي لم يخرج معظمها عن تكرار للتوليفات المصرية والهندية. شكلت هذه الأفلام ملامح الموجة الجديدة في السينما الإيرانية، وامتدت إلى وقتنا هذا.
رحلة الهروب
محمد رسولوف مخرج من إيران، وهو من هؤلاء، الذين تمكنوا من الهروب من طهران عبر طرق جبلية سيرا، بعدما أصدرت محكمة طهران في يناير/كانون الثاني الماضي، مجموعة من الأحكام ضده جراء "اقترافه جريمة" إخراج فيلم "بذرة التين المقدس". تنوعت العقوبات بين السجن والغرامة ومصادرة الممتلكات، بالإضافة إلى الجلد عقوبة لشربه الخمر، حيث حرز رجال الشرطة زجاجات النبيذ حين دهموا شقته.