كان عام 2011 مصدرا لولادة التساؤلات الخطرة ولا يزال إلى يومنا هذا يولّد الكثير منها.
ثلاثة عشر عاما مرت، وعدد من تلك الدول التي عمّت فيها الانتفاضات ما تزال عالقة فيها، بل وترزح تحت تأثير خلايا نائمة تنشط بين حين وآخر، ومن ثم تعود لممارسة حياتها اليومية كما لو أنها لم تحدث ضررا.
جاء ذلك العام كشاهد على أول اجتماع بين الخبز والشعب بعد افتراقهما في آخر "ثورة" عربية قادها الشعب السوداني عام 1955 م ولكنه هذه المرة كان اجتماعا منظما بين صناع أوراقه، ومباغتا للشعوب العربية حيث إنه عقد في مطبخ سياسي غربي طبخت خلاله مجموعة من الأفكار النيئة والخطرة ومن ثم غلّفت وصدّرت إلى دول تعاني في الأصل من الانقلابات، والتحديات والصراعات، والأحزاب السياسية المناكفة، والجماعات المتطرفة لتنتشر شرارتها بعد ذلك في هشيم دول عربية أخرى.
شعارات مستوردة، وجاهزة سلفا، وحطب سياسي لتأجيج المشاعر، وانتفاضات مفخخة قسمت الشوارع العربية بين دمى وأدوات أرهقت بها الغرف السياسية العربية ومصانع القرار المنشغلة ببعض الأمور العالقة التي لربما شاغلها بها الطباخ السياسي الماهر نفسه.
كانت أحداث المتظاهرين متسارعة كما لو أنها نص درامي مكتوب: احتراق مواطن في تونس تستجيب له مشاعر في العالم العربي، تليه مظاهرات في بلده ثم في بلدان عربية أخرى، كما لو أن السلسلة التي جرت بها عربة البوعزيزي– رحمه الله- كانت الحلقة الضعيفة التي استغلها ذلك الطباخ لإشعال "ثورات" مزلزلة في بعض الدول لعدة أيام.