وفاة رئيسي في الصحافة الإيرانية: هل يتحول انتخاب الخلف إلى فرصة؟

السياسة الداخلية قد تواجه بعض التغيير غير الملموس

أ ف ب
أ ف ب
رجل إيراني يصلي على نعوش الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي واثنين آخرين، في مدينة مشهد، في 23 مايو

وفاة رئيسي في الصحافة الإيرانية: هل يتحول انتخاب الخلف إلى فرصة؟

هيمن خبر وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي والوفد المرافق له، بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان، إثر تحطم مروحيتهم، على تغطية الصحافة الإيرانية التي تطرقت إلى الحادث وتبعاته من زوايا عديدة.

ويرى فتح الله آملي، في مقال بعنوان "فرصة لتجاوز الأزمة" في صحيفة "اطلاعات" بأن "انتخابات الرئاسة التي ستجرى يوم 28 يونيو/حزيران ستكون فرصة هامة للغاية في حال وجود خطة سليمة وأخذ العبر وتقييم النواقص ومعرفة الأسباب التي أدت إلى تراجع نسبة التصويت في الانتخابات التشريعية الأخيرة وإصلاح المسارات غير السليمة بهدف الوصول إلى نسبة معقولة من التصويت. حيث إننا وفي المرحلة الراهنة بحاجة ماسة إلى الحد الأقصى من المشاركة في الانتخابات".

وأضاف: "لقد شهدنا حوادث مريرة كثيرة منذ قيام الثورة على غرار استهداف مقر حزب الجمهوري الإسلامي، في طهران يوم 28 يونيو 1981 (مما أدى إلى مقتل محمد حسين بهشتي رئيس السلطة القضائية الأسبق و72 شخصية هامة من وزراء ونواب ومسؤولين آخرين)، وقتل الرئيس محمد علي رجائي ورئيس الوزراء محمد جواد باهنر إثر انفجار قنبلة في مكتب رئيس الوزراء يوم 30 أغسطس/آب 1981 غير أن هذه الأحداث وأحداث أخرى لم تعطل البلاد، وهذا الأمر ينطبق على الفترة الراهنة، إذ إن مشكلة شغور منصب الرئاسة التي قد تؤدي إلى أزمات كبيرة في كثير من الدول تمت حلحلتها من خلال أمر صادر من المرشد".

وتابعت "اطلاعات": "لقد أسفر هذا الحادث نوعا من المصالحة والتضامن بين منتقدي الحكومة وأنصارها بالإضافة إلى الانعكاس الواسع لخبر وفاة الرئيس على الصعيد الدولي والذي يشير إلى أهمية إيران كدولة مؤثرة في المنطقة والعلاقات الدولية. وبالتالي علينا الابتعاد عن بعض التصرفات المسيئة والمسارات غير السليمة في إدارة البلاد، خاصة في السياسات الاقتصادية من أجل كسب آراء الناخبين وارتفاع نسبة التصويت وتعزيز نهج المصالحة والوفاق".

وقالت الصحيفة: "تحظى الانتخابات القادمة بأهمية حيوية لأن اسم الرئيس القادم سيخرج من هذا الصندوق ويجب توفير الظروف المناسبة لتحقيق أقصى نسبة مشاركة فيها".

يشكل حادث سقوط المروحية الرئاسية ضربة خاصة في ظل الظروف الراهنة داخليا ودوليا

صحيفة "هم ميهن"

من جهته نشر موقع "عصر إيران" الإخباري تقريرا بعنوان "هل يمكن للانتخابات المباغتة أن تعيد الثقة المفقودة للشعب؟". 
ويقول التقرير: "نواجه انتخابات مباغتة بعد الانتخابات الباهتة في مطلع مارس، غير أنه ينبغي على النظام اغتنام هذه الفرصة والاستفادة من الأجواء التضامنية سياسيا وعاطفيا في البلاد من أجل إصلاح الأخطاء التي أدت إلى الانتخابات الباهتة (في مارس)". 
وأضاف: "مثلت نسبة الإقبال على الانتخابات التشريعية الأخيرة جرس إنذار للنظام لأنها سجلت أدنى نسبة مشاركة في تاريخ إيران". وتابع: "توضح نسبة الإقبال على الانتخابات في الخطاب السياسي لإيران العلاقة بين الشعب والسلطة الحاكمة فتدني نسبة المشاركة لنظام جاء على سدة الحكم بعد ثورة شعبية لا يبعث برسالة التحول والإصلاح". 
وقال: "يتقن السياسيون الحقيقيون تحويل الأزمة إلى فرصة، وبالتالي نتوقع من المسؤولين أن يحرصوا على رفع نسبة المشاركة في الانتخابات وتجاوز الفئات ذات الاتجاهات الإقصائية".

رويترز
إيرانيون يعيشون في تركيا يحضرون حفل تأبين الرئيس الإيراني الراحل رئيسي في القنصلية الإيرانية في اسطنبول، 23 مايو

وأجرت صحيفة "هم ميهن" حوارا مع نشطاء سياسيين حول الظروف بعد وفاة إبراهيم رئيسي والفترة المتبقية حتى الانتخابات الرئاسية يوم 28 يونيو. ونقل التقرير عن عضو المجلس المركزي لحزب "اتحاد الشعب" الإصلاحي مهدي شيرزاد قوله: "يشكل هذا الحادث ضربة خاصة في ظل الظروف الراهنة داخليا ودوليا. نواجه مصاعب اقتصادية عديدة وأتمنى أن نتمكن من تجاوز هذه الفترة الانتقالية الصعبة بسلام وذلك بمساعدة الآليات الدستورية. أعتقد أن الحفاظ على الاتحاد والانسجام الوطني يجب أن يكون أولوية للقوى والتيارات السياسية في الوقت الراهن... لنتمكن من إجراء الانتخابات في ظروف ملائمة. ينبغي على الأجهزة الأمنية تقديم تقرير شفاف حول أسباب الحادث إلى الشعب فقد يكون الحادث بسبب مؤامرة من الأعداء... يجب على القوى السياسية تبني الواقعية في التعامل مع التحديات والمشاركة الفاعلة في الانتخابات".

التجربة أثبتت أن روسيا والصين لا ترغبان ولا تستطيعان بث الروح في الاقتصاد الإيراني الذي على وشك الاحتضار

المحلل السياسي علي بيكدلي

من جهته، يرى عضو المجلس المركزي والمتحدث باسم حزب "الاعتدال والتنمية" جواد هروي أن "الدستور هو الحل الأنسب الذي يجب الرجوع إليه في الحالات الطارئة وغير المتوقعة على غرار حادث تحطم مروحية رئيس الجمهورية". 
ويعتقد المحلل السياسي وعضو هيئة التدريس في جامعة بهشتي علي بيكدلي أن "السياسة الداخلية قد تواجه بعض التغيير غير الملموس في ما يتعلق باصطفاف القوى والتشكيلة الجديدة للحكومة واتجاهاتها... هل ستكون الحكومة القادمة متسقة مع أركان الحكم على غرار حكومة إبراهيم رئيسي أم لا؟ هل تتولى وجوه جديدة المسؤولية؟ هذه تساؤلات مطروحة... والأهم من ذلك هل يكون هناك رئيس يتفق مع البرلمان؟ أو هل سيكون لدى الرئيس القادم نقاط مشتركة مع البرلمان؟ غير أنني أعتقد أنه لن تحصل تغييرات أساسية وجذرية على صعيد الشخصيات التي ستتولى المسؤولية خاصة في السياسة الخارجية التي يحددها المرشد، وبالتالي فإن هذه التغييرات لن تكون جذرية ولن تحدث على نطاق واسع... يجب أن لا ننسى المفاوضات غير المباشرة بين الوفدين الأميركي والإيراني في عمان خلال الفترة الأخيرة وبالتالي ينبغي علينا أن نتجه إلى سياسة خارجية تتمتع بمرونة أكثر لأننا لسنا في ظروف اقتصادية جيدة وأن المنطقة تمر بوضع حرج وعدم استقرار. يجب علينا إبداء مرونة أكبر لنتمكن من تجاوز الظروف الإقليمية الصعبة والوضع المعيشي الصعب وحالة الاستياء الشعبي بسبب المشاكل الاقتصادية".

رويترز
مشيعون يحضرون مراسم دفن الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي في مشهد، 23 مايو

وتابع: "وصلنا إلى مرحلة لا بد لنا أن نميل إلى الغرب بهدف تحسين الاقتصاد، لأن التجربة أثبتت أن روسيا والصين لا ترغبان ولا تستطيعان بث الروح في الاقتصاد الإيراني الذي هو على وشك الاحتضار. وبالتالي علينا إبداء المرونة لأن الإدارة الأميركية تميل في عامها الانتخابي إلى حلحلة التحديات في الشرق الأوسط ومنع إيران من الوجود في شؤون الشرق الأوسط".
ويؤكد عضو المجلس المركزي لحزب "اتحاد الشعب" الإصلاحي مهدي شيرزاد على أهمية "دور الشعب المساند للحكومة في الظروف الصعبة"، قائلا: "يجب أن تكون نسبة التصويت مرتفعة لأن الدعم الشعبي يكفل نجاح الحكومة في هذه الظروف الصعبة".
ويعتقد علي بيكدلي أنه "لا يمكن التكهن بمن سيكون خلفا له (إبراهيم رئيسي) ويعتقد كثيرون أنه قد يكون السيد قاليباف (الرئيس الحالي للبرلمان)، غير أن قاليباف حل رابعا في الانتخابات التشريعية وشعبيته في تراجع... لا نملك خيارات كثيرة بخصوص تولي منصب رئاسة الجمهورية في الظروف الراهنة لأن الرئيس يجب أن يتمكن من القيام بمسؤولية صعبة".

السياسة الخارجية التي قادها حسين أمير عبداللهيان عملت على تعزيز العلاقات مع القوى الشرقية خاصة روسيا والصين لاحتواء الغرب

صحيفة "جوان"

ورغم أن المرشد يرسم السياسات الكلية للحكومة لكن رئيس الجمهورية ينبغي أن تكون لديه صفات تؤهله لتولي هذا المنصب في الظروف الراهنة".
وقد نشرت صحيفة "جوان" تقريرا مفصلا حول وزير الخارجية عبداللهيان الذي لقي حتفه في تحطم المروحية بعنوان "أمير عبداللهيان الجسر بين الدبلوماسية والميدان". وجاء في التقرير حوار مع الخبير في الشؤون الاستراتيجية رضا مير طاهر الذي قال: "تبنت حكومة (رئيسي) سياسة خارجية متوازنة تقوم على التركيز على تعزيز العلاقات مع الشرق والغرب... إن هذه السياسة الخارجية التي قادها حسين أمير عبداللهيان عملت على تعزيز العلاقات مع القوى الشرقية خاصة روسيا والصين لاحتواء الغرب، وبالتالي تمت قيادة السياسة الخارجية الجديدة لإيران بنجاح في مرحلة حرجة للغاية من خلال الدور الأساسي لعبداللهيان الذي كان دبلوماسيا محنكا يعرف فنون الدبلوماسية... وأدى دورا في غاية الأهمية بتقديم أهداف إيران الخارجية والدفاع عن مصالح إيران والمضي قدما في تحقيق أهداف السياسة الخارجية لإيران خلال الأعوام الأخيرة".
ويرى أستاذ القانون الدولي أحمد كاظمي في حوار مع "جوان" أن أمير عبداللهيان "نجح في تعزيز موقع محور المقاومة على الصعيدين الإقليمي والدولي من خلال نهجه الاستشرافي في الإدارة، وتمكن عبداللهيان من متابعة جرائم إسرائيل في غزة في القنوات الدبلوماسية والمؤسسات الأممية وشهدنا سياسة خارجية فاعلة على الصعيد الإقليمي والدولي في فترة توليه منصب وزير الخارجية...".

font change

مقالات ذات صلة