تناولت الحلقات السابقة بدء وساطة المبعوث الأميركي فيليب حبيب لإخراج رئيس "منظمة التحرير الفلسطينية" ياسر عرفات وقواته من بيروت على وقع القصف الإسرائيلي والانقسامات اللبنانية إزاء ذلك، وتصاعد الحملات بين الرئيس السوري حافظ الأسد وأبو عمار الذي بدأ يقبل مبدأ الخروج من لبنان تحت الضغط، إضافة إلى تفاصيل رسالة من بشير الجميل، عدو سوريا اللدود، إلى الأسد لطمأنته دمشق خلال سعيه إلى الرئاسة وتفاصيل خطة حبيب لإخراج أبو عرفات ومقاتليه.
في هذه الحلقة نعرض أول رسالة من عرفات إلى الأسد الذي قبل استقبال مقاتلين فلسطينيين في سوريا بعد أن كان يرفض في وقت سابق، لدى خروجهم من بيروت لـ"إنقاذها من الدمار" بالقصف والحصار الإسرائيليين، مع تحذير واضح لعرفات، ما هذا التحذير؟ وما تفاصيل خطة المبعوث الأميركي فيليب حبيب؟
في 7 أغسطس/آب، أرسل رئيس "منظمة التحرير الفلسطينية" ياسر عرفات أول رسالة إلى الأسد بعد حملات إعلامية وعسكرية بينهما، هذا نصها: "السيد الرئيس حافظ الأسد،
كما تعلمون سيادتكم، بناء على قرارات جدة، جرت بيننا وبين الحكومة اللبنانية مباحثات مكثفة حول خروج القوات الفلسطينية الموجودة في بيروت، وقد أبلغنا خلال هذه المباحثات وكذلك بعد لقاء إخواني في القيادة الفلسطينية مع سيادتكم أن سوريا وافقت على استقبال 1200 مقاتل، بالإضافة إلى القيادات ومكاتبهم، وإننا في ظل هذه الظروف الخطيرة، نرجو من سيادة الرئيس، في حال التوصل مع السلطة اللبنانية إلى اتفاق نهائي أن يتم التعاون مع الإخوة في سوريا في هذا المجال بما يمكننا من حل مشكلة توزيع قواتنا المتفق على خروجها من بيروت، آملين أن تستوعب الشقيقة سوريا أولئك الذين لا يمكنهم أن يقصدوا بلدا آخر ولو بشكل مؤقت إلى أن يتم تأمين الأماكن لهم، ونحن على ثقة أن الروابط القومية بين الثورة الفلسطينية وسوريا الشقيقة ستجعلنا نواجه هذا الظرف بموقف موحد ومسؤولية مشتركة، وإنني لأشكر سيادتكم على هذا الموقف الأخوي الذي عهدناه دوما من الأخ الرئيس حافظ الأسد والشقيقة سوريا منذ انطلاقة ثورتنا".
ويكتب خدام في أوراقه: "هذه البرقية هي الاتصال الأول الذي يجريه عرفات مع الرئيس الأسد أو مع جهة سوريا بالإضافة إلى أنه حاول ربط مسؤولية الخروج باجتماع اللجنة الوزارية في جدة".
ولدى مناقشة البرقية في القيادة، قرر الأسد تكليف خدام بإبلاغ ممثلي فصائل المقاومة الفلسطينية في دمشق رد القيادة، والذي أبلغه للممثلين في 9 أغسطس 1982 وهذا نصه: "حول رسالة الأخ أبو عمار:
1 ـ إنها الرسالة الأولى التي توجه إلى القيادة في سـوريا منذ بدء الأحداث، أي منذ بدء العدوان (الإسرائيلي).
2 ـ لا صحة لما ورد فيها من حيث إن سوريا وافقت على قبول 1200 مقاتل، لقد رفضنا قبول أي مقاتل في كل المناقشات التي دارت معنا، انطلاقا من أن المقاتلين يجب أن يظلوا حيث هم في مواجهة العدو، كما جاء في الإعلان السوري.
3 ـ لم نطلع على المفاوضات أو الاتصالات التي كان يجريها أبو عمار بصورة رسمية.