- منذ عقود، زرتم العديد من العواصم والمدن العربية مثل بيروت ودمشق وصنعاء. كيف تنظرون إلى ما آلت إليه المدن العربية؟
أوّل زيارة لي إلى بلد عربي كانت إلى مصر، حينها كان عمري سبعة عشر عاما، حيث زرتُ القاهرة والإسكندرية، وفي العام نفسه زرت بيروت وبعلبك وزحلة في لبنان. واندهشت لجمال هذه المدن وعظمتها. وفي سن العشرين كوّنتُ فرقة مسرحية في مدينة نانسي وعرضنا مسرحية إسخيلوس "سبعة ضد طيبة" في قرية راشيا في لبنان، وهناك قابلت فيروز والأخوين رحباني للمرّة الأولى.
وفي عمر الخامسة والعشرين، عرفت الجزائر والمغرب وتونس. وفي وقت متأخر عرفتُ دول الخليج العربي بعدما صرت رئيسا لمعهد العالم العربي.
تونس والسودان والسعودية
- كان سؤالي حول رؤيتكم لبعض العواصم العربية وما آلت إليه من حروب وخراب، وأنتم تعرفونها منذ عقود طويلة؟
يمكن الحديث بشكل عام، مع أن لكلّ بلد ملامحه الخاصة، فلنتحدث على سبيل المثل عن بلدان المغرب العربي، فالمملكة المغربية مزدهرة حاليا ثقافيا واقتصاديا، والجزائر التي أعرفها بلد كبير وجميل وفيه شباب مدهش، وتونس تعيش حاليا أزمة، تضامنت مع الشباب ضد بن علي وسعدت كثيرا بفوزهم، لكن الوضع الحالي لا يسر. لبنان أيضا بلد أخّاذ وفيه طاقات مذهلة لكنّه فريسة صعوبات كثيرة، مع هذا ينبغي الثقة بالشباب الذين لديهم طاقة أقوى من التمزقات السياسية. السودان أيضا صار فريسة حرب أهلية، والأمل أن تعمل البلدان العربية على دعم هذا البلد ليجد طريقه إلى السلام.
في المقابل، تعطي دول الخليج العربي إحساسا بأنّها في حال جيّدة. وبالتأكيد فإن المملكة العربية السعودية من أكثر البلدان سحرا وإدهاشا، وهي بلد كبير فيها شباب متحفز، والقيادة لديها رؤية استراتيجية تنموية ذكية تبنت دعم الثقافة والتعليم والشباب. لا أستطيع الحديث عن كل دول الخليج، ولكن هناك أيضا الإمارات التي تسير فيها التغييرات المدهشة بشكل جيّد منذ سنوات.
الإسلاموفوبيا
- نشأ معهد العالم العربي في ظروف لم تكن فيها ظاهرة "الإسلاموفوبيا" أو الخوف من الإسلام قد برزت على هذا النحو الذي هي عليه الآن. ما الأسباب، في رأيك، التي أدّت إلى تنامي هذه الظاهرة في العقود الأخيرة؟
لا أريد الوقوع في التعميم، فبالطبع يمكن تلمس "الإسلاموفوبيا" في أكثر من مكان، لكن في المقابل هناك اعجاب حقيقي بالبلدان الإسلامية. نحن هنا في المعهد لا نألو جهدا في إعلاء عظمة الإسلام والدول العربية، على سبيل المثل نظّمنا قبل سنوات معرضا كبيرا عن الحج في مكّة ومعرضا عن كنوز الإسلام في أفريقيا، والمعرضان لقيا نجاحا كبيرا. وتثير الأنشطة المتعلّقة بالسعودية في المعهد إعجابا كبيرا بفضل التغييرات العميقة التي تحدث في هذا البلد. فقد احتضن المعهد للمرّة الاولى في العالم معرضا عن العُلا، وضمن التعاون افتتح الثلاثاء الماضي في المتحف الوطني السعودي في الرياض معرض "عطور الشرق" الذي سيستمر لمدة أربعة أشهر. وهناك معرض حاليا في المعهد عن مستقبل العرب ويتضمن أعمالا لفنانين سعوديين مدهشين. وفي الأسبوع الماضي احتضن المعهد أيضا ليلة السينما السعودية، إلى جانب الكثير من النشاطات العربية.
تبرّعات لفناني غزّة
- سمعنا عن جمع تبرّعات يرعاها معهد العالم العربي للفنانين التشكيليين المقيمين في عزة والذين ساهموا في معرض "ما تقدّمه فلسطين للعالم" الذي أقيم في المعهد خلال الشهور الماضية...
هو فعل تضامني مع فناني غزة، واستطعنا بفضل أصدقاء جمع ما يقارب سبعين ألف يورو لصالح أسر هؤلاء الفنانين، وقد سهّلتُ شخصيا استقدام بعض هؤلاء الفنانين الذين استطاعوا اجتياز الحدود.
- يتردّد اسمكم مع كلّ عيد للموسيقى في فرنسا والعالم لتأسيسك هذا العيد عام 1982 حين كنت وزيرا للثقافة. كيف تنظر إلى التحولات الموسيقية والغنائية، إذ سنسمع لو عبرنا في الشوارع يوم العيد أغاني هي عبارة عن شتائم للبلد والساسة والناس؟
ليس لديّ فكرة عن هذا.