كافكا في مئوية رحيله: رائد "الأدب الصغير" الذي صنع الحداثة

عوالمه الكابوسية ألهمت أجيالا من الكتاب والفنانين

Shutterstock
Shutterstock
فرانز كافكا (1883 - 1924).

كافكا في مئوية رحيله: رائد "الأدب الصغير" الذي صنع الحداثة

في ذكرى وفاة فرانز كافكا المئوية (1883-1924)، نستعيد كلمات ميلينا ييزينسكا عنه: "يبدو الأمر وكأننا قادرون على الحياة، لأننا لذنا ذات مرة بالكذب، أو العمى، أو الحماسة، أو غير ذلك، لكنه لم يلذ قط بملجأ واق، فهو لم يستطع مطلقا أن يكذب، لهذا هو يتعرّض لكل ما نحن في منأى منه، مثل عار بين مستورين. إنه إنسان لا يتخذ الزهد وسيلة إلى هدف ما، بل هو إنسان اضطرته شفافيته الشديدة، لرفض الحلول الوسط. إنه على ما أعرف لا يرفض الحياة، بل يرفض هذا النوع من الحياة".

وصلتْ لنا رسائل كافكا إلى ميلينا، لكن للأسف لم تصل رسائل ميلينا إليه، وهناك احتمال يصمت عنه دارسو كافكا، خوفا من شبهة إدانة أخلاقية تلحق بعملاق براغ، وهي أنه أتلف رسائل ميلينا، واحتمال التدمير نفسه ينطبق على رسائل خطيبته السابقة فيليس باور، فربما أراد كافكا أن لا توجد كلمات أخرى تشوش صورته النقية التي رسمها لنفسه عبر رسائله، أو تسرق الضوء من معاناته، فهو يحتاج إلى امرأة تستمع فقط إلى مونولوغه المؤلم، وتحتفظ بكلماته.

تدريبات على الخلود

كانت رسائل كافكا لفيليس وميلينا، بمثابة ورشة عمل أدبية، تدريبات على الخلود. يقول كونديرا في روايته "الخلود": "الموت والخلود يشكلان زوجا يصعب التفريق بينهما، وهما أكثر كمالا من ماركس وإنجلز، روميو وجولييت، لوريل وهاردي". كان مرض التهاب الرئة في عشرينات القرن الماضي مرضا مميتا. وكان كافكا يعرف منذ إصابته بالمرض في 1917، منذ أن نطق بكارثة السعال الدموي، أن سنواته معدودة.

تُفسح حالة التحول الهجين بين البشري والحيواني، المجال المرعب، لتلاعب كافكا بالصفات المتحجرة والمكتسبة بين النوعين

بدأ كافكا رسائله مع ميلينا طوال ثمانية أشهر في عام 1920. كتب لها نحو 126 رسالة، في واحدة من الرسائل الأشد غموضا وجمالا يقول لها: "إنني أعيش هنا في خير حال، ولا يطيق الجسد الفاني مزيدا من العناية، والزهور تتفتح ببطء أمام شرفة غرفتي، وتزورني في الغرفة السحالي والطيور، وأنواع متباينة من الكائنات أزواجا أزواجا".

آثار كافكا الأدبية مليئة بالحيوانات: جوزفين الفأرة مغنية الأوبرا التي يعتقد البعض من شعب الفئران أن صوتها رائع، والبعض الآخر يعتقد أن صوتها لا يتعدى صراخ فأرة. غريغور سامسا المتحول إلى حشرة، ولا يستطيع الذهاب الى عمله، اسم كافكا نفسه في اللغة التشيكية يعني الغراب. يكتب كافكا في "الكراسات الزرقاء الصغيرة": "تزعم الغربان أن غرابا واحدا يستطيع تدمير السماء، لكن هذا لا يُثبت شيئا ضد الغراب، فالسماء تعني استحالة الغربان". 

هناك أيضا القرد بيتر الأحمر، بطل قصة "تقرير إلى الأكاديمية"، الذي كان يُنزل بنطلونه فجأة، دون ضغط، أو طلب، لمعاينة أثر طلقة الرصاص التي تلقاها في أعلى فخذه، أيام أسره، متجاوزا معايير اللياقة والأدب، أمام عيون المشاهدين، ربما لتكريس الإهانة، وتبكيت الإنسانية بأنها فشلتْ في إلحاق بيتر الأحمر ضمن منظومتها العالمية.

أورد ماكس برود في السيرة الذاتية التي كتبها عن كافكا قولا غريبا لصديقه: "الحيوانات هي السعال الصادر من حلق شخص". من الممكن تفسير قول كافكا هذا، بأن الحيوانية الباطنية جاهزة للقفز في أية لحظة، بشكل مفاجئ، دون مقدمات، ودون أسباب. تبدأ قصة "التحول" لكافكا هكذا: "استيقظ غريغور سامسا بعد أحلام مزعجة، فوجد نفسه قد تحول في فراشه إلى حشرة هائلة الحجم". تفسح حالة التحول الهجين بين البشري والحيواني، المجال المرعب، لتلاعب كافكا بالصفات المتحجرة والمكتسبة بين النوعين.

AFP
التمثال العملاق للكاتب فرانز كافكا في براغ.

يقترح كتاب جيل دولوز وفيليكس غوتاري، "نحو أدب صغير"، قراءة بديلة لكافكا عبر مصطلح "الجذمور" الآتي من علم النبات، وهو "الجذر/ الساق"، الجذر الذي ينمو أفقيا، وليس رأسيا في عمق التربة كما هي جذور الأشجار. ينمو أدب كافكا في الوسط مثل العشب البري، دون بداية، أو نهاية، يوميات، رسائل، فقرات، روايات وقصص غير مكتملة، أمثولات، عشب بري يزعج أدب الأشجار الكبيرة، توماس مان، تولستوي، نجيب محفوظ.

ساكن الخرائب الصغيرة

فقرتان في يوميات كافكا من العام 1910، أطلقتا مفهوم الأدب الصغير العشبي عند دولوز وغوتاري، الأولى نصها "لو كنت أحد ساكني الخرائب الصغيرة، تلوحني الشمس التي تظهر من جميع الجهات، وتبزغ عليّ أشعتها من بين اللبلاب، وحتى لو بدوت في أوائل المدة ضعيفا، فإن تأثير مناقبي الحسنة سيعلو، مضافا إليها قوة العشب البريّ الكامنة داخلي"، والثانية "جميع الأشياء لا تخطر لي من الجذر، وإنما من مكان ما في وسطه".

أضاف دولوز وغوتاري للجذمور العشبي، أنه جغرافي، خرائطي، يصنع خط هروب، ذهاني، والصفة الأخيرة كادت أن تهدم مفهوم دولوز وغوتاري، لأن كافكا عصابي، ولهذا لم يستشهدا بكافكا كثيرا في كتابيهما الأكثر شهرة، "الرأسمالية والفصام- أوديب مضادا"         

يسأل دولوز وغوتاري كيف يمكن الدخول إلى عالَم كافكا؟ "القلعة" لها مداخل عدة، ومواقع مداخلها غير معروفة جيدا، والفندق في رواية "أميركا"، له أبواب كثيرة رئيسة وجانبية، يقف عليها عدد من الحرّاس، وهناك أيضا مداخل ومخارج للفندق خالية من الحرّاس، وفي رواية "المحاكمة"، الرجل الذي يُبلّغ "ك" أمر اعتقاله، يرتدي بدلة مثل بدلات السفر، بجيوب كثيرة وأزرار وأحزمة، فتبدو البدلة عملية للغاية، لكن لا يستطيع المرء تحديد في ما تُستخْدَم. باختصار مداخل عالَم كافكا، تخضع لترتيب بيروقراطي خفي، بلمسة فلسفية، لا يمنعنا من تخمين الصعود التدريجي إلى قمته، وأثناء رحلة الصعود، نكتشف أننا أخطأنا مدخل البداية، فنعود من جديد للمحاولة مع مدخل آخر. 

ينمو أدب كافكا في الوسط مثل العشب الضار، دون بداية أو نهاية، عشب برّي يزعج أدب الأشجار الكبيرة

نعلم أن "ك"، هو موظف المساحة الذي تلقى دعوة عمل من القلعة، لكن الدعوة غير موثوق فيها من القلعة ذاتها، ويبدو أن طرفا من جهاز القلعة استدعى "ك"، لكن الدعوة لم تُترْجَم إلى حاجة ماسة في النهاية، وهذا لا يعني أن جهاز القلعة لا يسير على ما يرام، وأن أطرافا فيها تتصرف كما يحلو لها، بل إن الأمر ينسجم مع قلة شأن "ك"، وضآلة حجم مهمته، بالنسبة إلى القلعة. بالمثل يشعر "ك" بخيبة الأمل في الصباح، عندما يكتشف أن القلعة تتكون من مجموعة من المباني التي توشك أن تكون مدينة صغيرة، وأن لها برجا واحدا، لا يعلم الناظر إليه، هل هو برج كنيسة، أو هو برج مسكن، وعندما يطيل "ك" النظر، يتبين له أن القلعة التي ظن في البداية، أنها قصر منيف رائع، لا تزيد على كونها مدينة بائسة من الحجر الهش.

البناء والهدم

طريقة كافكا في رواية "القلعة"، تقوم على حركة البناء والهدم، يبني الحقيقة، ثم يهدمها، ثم يبنيها مرة أخرى، وهكذا إلى ما لا نهاية. ولأن المسافة بين البناء والهدم غير متساوية زمنيا، ولأن البناء يحمل في داخله بذور هدم كامنة، ولأنه من المتوقع البناء بعد الهدم، ينسى القارئ تقريبا أثناء القراءة، طريقة كافكا المعقدة في البناء والهدم، ويعتقد أنها محض سراب، أو أنها من أعراض إعادة القراءة.

يحكي فالتر بنيامين في دراسته عن كافكا، حكاية رجل الدولة الروسية غريغوري بوتمكين (1791- 1739)، وهو أيضا عشيق الإمبراطورة كاترين الثانية، الملقبة بالعظيمة. كان بوتمكين يتعرّض لنوبات اكتئاب دورية، فلا يستطع أحد خلال اكتئابه، الاقتراب منه، أو دخول غرفته. تراكمت الأوراق التي تحتاج إلى توقيعه، ولم يجد كبار المسؤولين علاجا لهذا الوضع. التقى شووالكين، وهو مساعد صغير، وغير مهم، في غرفة الانتظار، أعضاء مجلس الدولة الذين عرضوا أمامه شكواهم، وسمحوا لشووالكين بقطع الممرات والأروقة، بالأوراق التي تحتاج توقيع بوتمكين، ليصل إلى الغرفة المنعزلة. ومن دون طرق الباب دخل شووالكين غرفة بوتمكين الذي كان جالسا على السرير في الظلام يقرض أظفاره. أخذ شووالكين من على المكتب قلما، ووضعه في يد بوتمكين، ووضع تحت القلم الوثائق التي تحتاج إلى توقيع. استجاب بوتمكين دون مقاومة.

خرج شووالكين ظافرا بتوقيعات بوتمكين. التف رجال مجلس الدولة حول شووالكين، وأخذوا منه الأوراق، وعندما وجد نظرة ذهول في عيونهم تتنقل بينه وبين الأوراق، ألقى هو الآخر نظرة على الأوراق، فكانت موقّعة شووالكين.. شووالكين.. شووالكين. يتمتع موظفو كافكا في رواية "القلعة"، أو "المحاكمة"، بلمسة الكوميديا السوداء العبثية التي نجدها عند بوتمكين. يقول أحد الموظفين لـ "ك" إن القرارات الرسمية خجولة مثل الفتيات الصغيرات.

في عام 1934 بعث المؤرخ اللاهوتي غرشوم شوليم رسالة إلى صديقه فالتر بنيامين، عن رأيه في مخطوطة مقال بنيامين، بعنوان "فرانز كافكا". أراد شوليم في رسالته أن يختطف أدب كافكا كله، بضربة واحدة، لحساب الرؤى الدينية، فكان يقول: مَنْ رغب في فهم "القبالة"، وهي الشروح والمعتقدات اليهودية الربّانية، عليه بقراءة كافكا أولا.

وكان رد بنيامين لشوليم: "أنت تنطلق في فهمك لكافكا من شيء إلهي، من خلاص توراتي تاريخي، غنوصي، بينما أنطلق أنا في فهمه، من شيء أقل، من أمل ضئيل، على الرغم من عدم جدواه، عند كائناته الإنسانية، والحيوانية، في التكيف مع الأمر الواقع". يفكّر غريغور سامسا، بطل "التحول"، لو تَقَبَّل مديره في العمل، وأهله في المنزل، هيئته الجديدة الحَشَرية، لارتدى في الحال ملابسه، وذهب إلى عمله، وكأنّ شيئا لم يكن.       

ينسى القارئ تقريبا طريقة كافكا المعقدة في البناء والهدم، ويعتقد أنها محض سراب، أو أنها من أعراض إعادة القراءة

يشدد جاك دريدا في محاضرة "قبل القانون" 1982، على أن لحظة التأسيس الأولى للقانون، لم تكن عادلة، فقد ظهرت القوة في لحظة التأسيس تحت وطأة الضرورة، أو حتى بفعل المصادفة. ضربة حادة تقطع وتُمزِّق. في قصة فرانز كافكا، "أمام القانون"، هناك باب القانون المفتوح، وعليه حارس، وهناك أيضا الرجل الريفي البسيط الذي يريد الدخول، لكن الحارس ينبه الرجل الريفي، أن في الداخل حرَّاسا آخرين أقوى منه. الحارس لا يمنع الرجل من الدخول إلى القانون، لكن ليس الآن، ربما لاحقا. يأتي الحارس بكرسي للرجل الريفي. بجوار باب القانون المفتوح، يجلس الرجل الريفي منتظرا سنوات، وعند اقترابه من الموت، يسأل الحارس سؤالا أخيرا: لماذا لا يأتي للقانون أناس آخرون؟ وتكون إجابة الحارس بأن هذا الباب يخص الرجل الريفي وحده، وهو الآن سيغلقه بموته.

AFP
كتاب "The Metamorphosis" لفرانز كافكا.

هناك احتمالان لقصد الرجل الريفي باب القانون المفتوح؛ الاحتمال الأول، هو طلب الاستشارة القانونية في أمر ما، والاحتمال الثاني، هو تسليم النفس لتنفيذ عقوبة. لا يفصح كافكا عن غاية الرجل الريفي في الذهاب إلى القانون. في الواقع المعيش، القانون هو الذي يذهب للقبض على الجاني، إلا إذا كان الخارج على القانون يتمتع بضمير أخلاقي، وبشعور كانطي ثقيل بالواجب. هناك شك بأن الاستشارة القانونية كانت غاية الرجل الريفي. فطريقة انتظاره الأبدي على باب القانون، توحي بأنه ليس بسيطا كما يبدو، وبأن غايته تحطيم معاني التأسيس الأول للقانون التي وصفها جاك دريدا بأنها ليست عادلة.

عوالم

كرتان شفافتان من السيلولويد تظهران فجأة في قصة كافكا، "بلومفيلد.. الأعزب المسن". كافكا يُظهر الكرتين، لمؤانسة بلومفيلد، لكنّ الكرتين تثيران إزعاج بلومفيلد. تقفزان على الأرضية بصوت مسموع. إزعاجهما غير مقصود، إلا أن بلومفيلد لا يغفر لهما طفولة القفز والعفرتة في أنحاء الغرفة. بعد سنوات طويلة استخدم كافكا في رواية "القصر"، المساعدين التوأم، أرتور ويريمياس، وهما المساعدان اللذان عيّنا لموظف المساحة "ك"، من قِبَل القصر. المساعدان يتحركان بحيوية زائفة حول "ك"، وكأنهما ينجزان عملا. لا يضاهي توأم كافكا سوى توأم البنتين الصغيرتين الشبحيتين عند المخرج ستانلي كيوبريك في فيلم "اللمعان".

 لا يضاهي توأم كافكا سوى توأم البنتين الصغيرتين الشبحيتين عند المخرج ستانلي كيوبريك

في محل خردوات هيرمان كافكا، والد كافكا، كما جاء في كتاب راينر شتاخ، "كافكا- السنوات الأولى"، أقمشة الكتان، والملابس الداخلية، والدانتيل، وأربطة الجوارب، والجوارب، والمآزر، والمناديل، والإبزيمات، والعلب الصغيرة، والمراوح، والأزرار، والياقات، والقفازات المصنوعة من الفرو، والأحذية القماشية، فضلا عن الإبر وسكاكين الجيب وفرش الأسنان. لا نجد في كتابة كافكا تعدادا من هذا النوع، ربما لأن قوائم الأشياء الصغيرة تولِّد إحساسا جماليا فاقعا، وكافكا كان شديد النفور من الكتابات الجمالية. لو كان جيمس جويس ابن هيرمان كافكا، لكان محل الخردوات فردوسا لجرد القوائم، فرواية "عوليس" متخمة بقوائم من هذا النوع، قوائم أطعمة، مواعيد القطارات، وصفات شعبية لألم المفاصل، محلات رهونات، مكاتب مفقودات في محطات السكك الحديد، إعلانات مبوبة، مسارات سفن البريد، بطاقات حفلات المسارح.  

كتب كافكا في "رسالة إلى الوالد": فلتقارن بيننا، أنا من عائلة لوفي بطعم كافكاوي، ولكن لا تحركني الرغبة الكافكاوية في الحياة مثل عقد الصفقات، والاستيلاء، بل تدفعني شوكة لوفية تأثيرها مريب، وحذر، ويسير عكس الاتجاه، أمّا أنت فكافكاوي عن حق، قوة، وصحة، وشهية للطعام، صوتك قوي، ولديك موهبة خطابية، تعيش في حالة رضا عن الذات، وتسيطر على العالَم". الآن، بعد أكثر من قرن على رسالة كافكا الى والده، لا نعرف كيف عكس الزمن، بخيانة عمياء، مجموعة من الصفات، فنحن نطلق على اتجاه رئيس في الكتابة اسم "الكافكاوية"، وليس "اللوفية"، نسبة إلى والدة كافكا جولي لوفي، وأخواله العصابيين، ولا نعرف أيضا إن كان الزمن يسخر من والد كافكا، أو من كافكا ذاته، أو من حقيقة الجينات الوراثية، لكن من المثير أن نتخيل عودة كافكا إلى الحياة، لينفي عن نفسه صفة "الكافكاوية"، والدفاع بالطبع سيكون كتابةَ، وهو عظيم في تدبيج دفاعات معقدة، قانونية وفلسفية، وعلى الأرجح سيضعنا في منزلة والده، أي ليس من المجدي أن يُخرج أوراق الدفاع عن "اللوفية" من جيب معطفه. 

font change

مقالات ذات صلة