- ما التحديات التي واجهتك خلال هذه العملية؟
الجزء الأول من الرواية كان في ذهني تماما كما ظهر في الرواية. لم تكن لديّ أي فكرة عن نهاية الرواية، أو ماذا سيحدث لهذه الشخصيات، لكنهم كانوا أحياء تماما على الصفحة، بأصواتهم وزمنهم. كنت في حاجة إلى متابعتهم والحفاظ على كتابة الرواية على مر السنين. تعلمني رواياتي كيف أكتبها، كما تعلم القارئ كيف يقرأها.
- كيف استطعت خلق حالة الصدق في النص وإشراك القراء في معرفة مصائر الشخصيات؟
لا أستطيع الإجابة عن هذا السؤال، إلا القول إنني كاتبة ذات توجهات لغوية، وأدرك تماما القوة الحسية واللاواعية للكلمات. كنت شاعرة قبل أن أبدأ في كتابة الرواية، لذلك أحافظ على إيقاع كل جملة. أخبرني أحدهم ذات مرة أنه عندما يقرأ كتبي، يشعر أنه داخل الكلمات وليس مجرد قارئ لها. هذه هي قوة اللغة. لطالما قلت إن التاريخ يخبرنا بالحقائق، لكن الأدب يخبرنا بالقصة. القصة التي تروي الحقائق هي مفتاح التعاطف. نحن كائنات سردية، ونفكر من خلال السرد. ومن خلال السرد، يمكننا أن نشعر بأنفسنا وكأننا نعيش زمنا آخر.
- استخدمت السرد في الانتقال بين الفترات الزمنية ووجهات النظر المختلفة في "حراسة ليلية"... حدثينا عن ذلك.
أبدأ الرواية عام 1874، بعد 9 سنوات من الحرب، في الأزمة التي تسبّبت في ذهاب إليزا وكونالي إلى الملجأ، كما رأينا من خلال عيني كونالي. تدور أحداث الجزء الأوسط في عام 1864 نرى كيف تكوّنت الشخصيات، وما الذي جعلها الشخصيات التي نواجهها للمرة الأولى. ثم نمضي قدما. إنها رواية عن الرحلات والفراق الطويل والقوة الهائلة التي يمكن أن يمتلكها البشر عندما ينجون ويعملون على حماية من يحبون، حتى في مواجهة الأحداث المتفجرة والأفراد المتضرّرين للغاية.
الصدمة والتعافي
- كيف ناقشت الصدمة والتعافي من خلال الرواية؟
نحن لا نتعافى دائما من الصدمة، لكن الأمل هو أن نتعايش معها بطرق نفيد بها أنفسنا والآخرين. الحب، والحاجة إلى حماية الأشخاص الأقرب إلينا، وخاصة خلال مرحلة فوضى ما بعد الحرب، يمكن أن يساعدنا على البقاء والصمود. التعافي في كل جوانبه، قوة. تواجه شخصيات الرواية أحداث مؤلمة، كما هو الحال مع أي إنسان في زمن الحرب، لكنني أريد أن أظهر الحقبة التاريخية وأصواتهم ووجهات نظرهم كأنها تسكن ذهن القارئ وعواطفه. نحن نفكر في المصحّات باعتبارها مكانا مرعبا، لكن المفارقة هي أن ملجأ المجانين كان يوفر مكانا للجوء من العالم الوحشي في ذلك الوقت. ليس من السهل دائما قراءةهذه الرواية، كما ليس من السهل كتابة المواقف المؤلمة، لكنني آمل أن يظلّ القارئ داخل التجربة. إن المشاعر التي نختبرها مع الشخصيات تلعب دورا في انتصار البقاء والدافع لحماية ما نحبه.
- لا بد من أنك أجريت عملية بحث مكثفة لتتمكني من وصف التفاصيل التاريخية بشكل دقيق... حدثينا عن ذلك.
عملت على كتابة الرواية لمدة ثماني سنوات، وكان جزء من هذا العمل عبارة عن بحث بحت حول الحرب، وفي أسلوب الكلام والحياة اليومية، في الطب الشعبي، وإعداد الطعام. كتب من الصور الفوتوغرافية، وسلسلة الحرب الأهلية التي صنعها كين بيرنز على قناة PBS ومذكرات محفوظة من طرفي الصراع.
- هل تشعرين أن أسلوبك السردي في الرواية الأخيرة اختلف عن أعمالك السابقة؟
أعتبر كتبي سلسلة متصلة، كل كتاب يمهد الطريق للكتاب التالي. كتبت ثلاثية تتعلق بالحروب الأهلية: في "أحلام الآلة"، هي الحرب بين فيتنام الشمالية والجنوبية، وفي رواية "قبرة ونمل أبيض"، الحرب بين كوريا الشمالية والجنوبية، وفي "حراسة ليلية"، الحرب الأهلية الأميركية، أما رواية "ديل الهادئة" فتدور أحداثها خلال فترة الكساد العظيم في ثلاثينات القرن العشرين، هذه الرواية الأخيرة تتمحور حول قاتل يكتب إلى أكثر من 250 امرأة من خلال "نوادي المراسلة". يتتبع القارئ تطور جريمة قتل متعددة حقيقية حدثت في ديل، وهي قرية صغيرة. إنها رواية عن إيذاء المرأة، وقوة المرأة على إحداث التغيير وتحقيق العدالة. أعتقد أن الموضوع هو الذي يصنع الشكل السردي للنص، أي أن شخصيات الرواية وأصواتها تظهر لتحدد كيفية كتابة الكتاب. يتكيف أسلوب كتابتي مع القصة التي أحاول سردها.