توفي الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، يوم الأحد، في تحطم مروحية كانت تقله مع وفد من مسؤولين إيرانيين آخرين في جبال شمال إيران، مما سيدفع البلاد والمنطقة بأسرها إلى مزيد من الغموض.
وأكدت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية (إرنا) أن وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان ومسؤولين كبارا آخرين قتلوا أيضا في الحادث، بينما كانوا يحلقون فوق مقاطعة أذربيجان الشرقية بإيران. وأعاق الضباب الكثيف عمليات البحث والإنقاذ لساعات قبل العثور على موقع التحطم. وكان الضباب كثيفا جدا ما اضطر الإيرانيين إلى طلب الدعم من أقمار الاتحاد الأوروبي للمساعدة في تحديد موقع المروحية.
تضع وفاة رئيسي نهاية لحقبة قصيرة، ولكنها شهدت تحولا كبيرا في السياسة الإيرانية، حيث انزلقت البلاد في وهدة التطرف والتشدد ما وضع الشرق الأوسط على شفا حرب إقليمية. وخلال فترة حكمه القصيرة، نقل رئيسي السياسة الداخلية والاجتماعية في إيران في اتجاه أكثر محافظة ودفع البلاد إلى موقع أشد عداء للولايات المتحدة في المنطقة، بعد أن سعى سلفه حسن روحاني– الذي هزمه في الانتخابات الرئاسية عام 2017– إلى تحقيق انفراجة مع الغرب فيما يخص البرنامج النووي الإيراني، قبل أن يكثف وكلاء إيران هجماتهم نيابة عنها.
ورئيسي هو فقيه إسلامي معروف بعلاقته الوثيقة مع آية الله علي خامنئي وكان كثير من المسؤولين والخبراء يعتبرونه مرشحا محتملا لخلافة المرشد الأعلى المسن. وشهدت فترة ولايته تسريع إيران لتخصيب اليورانيوم وإبطاء المفاوضات بشأن خطة العمل الشاملة المشتركة بعد خروج الولايات المتحدة من الاتفاق عام 2018، أي قبل ثلاث سنوات من توليه منصبه.
ودعمت إيران في عهد رئيسي روسيا في حربها ضد أوكرانيا من خلال تصدير كميات كبيرة من طائرات "شاهد" الانتحارية المسيرة وبطاريات المدفعية، وزادت من الهجمات التي تشنها الميليشيات الإقليمية الوكيلة ضد الولايات المتحدة وإسرائيل بعد هجوم "حماس" عبر الحدود في أكتوبر/تشرين الأول 2023 على إسرائيل؛ وقبل شهر واحد فقط من وفاته، شنت إيران هجوما ضخما ضد إسرائيل استخدمت فيه طائرات مسيرة وصواريخ.
ويعتقد الخبراء أن خليفة رئيسي، كائنا من كان، لن يغير الاستراتيجية التي اتبعها، بعد أن ترسخت بين المستويات العليا في القيادة السياسية والدينية في إيران. وفي هذا الصدد، يقول بهنام بن طالبلو، وهو زميل أول في "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات" (FDD): "سواء مع رئيسي أو من دونه، فإن النظام راض تماما عن كيفية تطور الأوضاع في الشرق الأوسط بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول. وقد تمكن من مواصلة استراتيجيته في حروب الاستنزاف الصغيرة، سواء بشكل غير مباشر من خلال مهاجمة وكلائه للولايات المتحدة وإسرائيل أو بشكل مباشر كما رأينا في تبادل الهجمات خلال شهر أبريل/نيسان الماضي، ولا يزال يبدو أنه قد فاز في هذه الجولة".
وبموجب الدستور الإيراني، من المرجح أن يتولى النائب الأول للرئيس، محمد مخبر، منصب الرئيس خلال الخمسين يوما القادمة حتى يتم إجراء الانتخابات. وقال محللون إن الانتخابات البرلمانية الأخيرة شهدت نسبة إقبال منخفضة بشكل قياسي. وعلاوة على ذلك، بذل خامنئي وحلفاؤه جهودا كبيرة لضمان فوز رئيسي خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة عام 2021، ما أدى إلى استبعاد المنافسين المحتملين.
قبل أن يتسلم رئيسي منصبة كرئيس للبلاد، عمل في لجنة الادعاء الإيرانية التي كانت مسؤولة عن إعدام ما يقدر بنحو 5000 معارض عام 1988. واتهمته الأمم المتحدة بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وفرضت عليه وزارة الخزانة الأميركية عدة عقوبات. واستمر هذا النهج الصارم الذي أدى إلى وفاة مهسا أميني البالغة من العمر 22 عاما أثناء احتجازها من قبل شرطة الأخلاق الإيرانية في سبتمبر/أيلول 2022 بعد توقيفها بادعاء أنها لم تضع الحجاب بشكل صحيح في الأماكن العامة، مما أثار احتجاجات على مستوى البلاد.