كشف مصدر سياسي عراقي رفيع في حديث مع "المجلة" عن تبدلات جوهرية في استراتيجية إيران تجاه القوى السياسية العراقية "الشيعية"، ممثلة في دعم غير معلن تبذله وستستمر فيه لصالح التيار الصدري في الآونة المُقبلة بُغية قلب الطاولة على الاستقرار السياسي والهدوء الأمني في البلاد، و"تقليم أظافر" الكثير من الشخصيات والقوى السياسية العراقية "الشيعية"، التي خلقت لنفسها "استقلالا نسبيا" عن النفوذ الإيراني خلال الفترة الماضية. وترغب إيران راهنا في إعادة ربط الشخصيات هذه بالدور الإيراني، في العراق والمنطقة، عن طريق خلق ضغوط وتوترات على العملية السياسية، ما يدفعها الى اللوذ بإيران مجددا. وكل ذلك من خلال دعم ورعاية عودة التيار الصدري إلى العملية السياسية في العراق، وبناء على حسابات سياسية خاصة للغاية.
وكان زعيم "التيار الصدري" مُقتدى الصدر أعلن في أواسط يونيو/حزيران 2022 مقاطعته الشاملة مع تياره السياسي للعملية السياسية في العراق، مقررا عدم المشاركة في أية انتخابات عامة مُقبلة بـ"أي شكل كان". قرار الصدر جاء عقب أزمة سياسية حادة شهدتها البلاد، عقب الانتخابات البرلمانية التي جرت في أكتوبر/تشرين الأول 2021، حاز فيها التيار الصدري أكبر كتلة برلمانية (73 مقعدا من أصل 325)، وتحالف سياسيا مع كل من الحزب الديمقراطي الكردستاني وحزب تقدم (ذات الأكثرية السُنية)، في ما عُرف بـ"التحالف الثلاثي". لكن الكتل البرلمانية التي تآلفت ضمن "الإطار التنسيقي"، بقيادة كتلة "دولة القانون" ورئيس الوزراء السابق نوري المالكي، لم تفسح المجال أمام هذا التحالف لينتخب رئيسا للجمهورية ويشكل الحكومة الجديدة، من خلال كسر نصاب "الثلثين" في كل جلسة لانتخاب الرئيس الجديد، ما تسبب في أزمة سياسية وشعبية حادة، وصلت حد المواجهة المسلحة بين أنصار الصدر ومؤيدي "الإطار التنسيقي" في أواخر أغسطس/آب 2022، أوقعت أكثر من 30 قتيلا وما لا يقل عن 700 جريح، بينهم العشرات من أفراد الجيش والأجهزة الأمنية.
في حديثه إلى "المجلة"، قال المصدر إن ثلاث مقدمات سياسية حدثت في العراق خلال الشهرين الماضيين أثارت في مجموعها هواجس إيران بشأن "استقرار الوضع الداخلي في العراق"، وتاليا إمكانية خروجه عن سيطرة إيران بسبب استقراره، وصل في بعض المحطات إلى إمكانية استقلال القرارات السياسية الاستراتيجية للعراق عن النفوذ الإيراني، في أول مرة منذ عام 2003.