الهند وصفقة ميناء تشابهار... خطوة استراتيجية نحو آسيا الوسطى

إمدادات دلهي من النقد والمعدات مهمة لطهران في ضوء العقوبات الأميركية

شاترستوك
شاترستوك
ميناء تشابهار في صورة تعود إلى 27 أكتوبر 2021

الهند وصفقة ميناء تشابهار... خطوة استراتيجية نحو آسيا الوسطى

يتمتع الاتفاق الأخير بين الهند وإيران لتطوير محطة "ميناء الشهيد بهشتي" وتشغيلها في ميناء تشابهار الإيراني الاستراتيجي بأهمية جيوسياسية كبيرة، حيث ترى الهند في وصولها إلى آسيا الوسطى، وموارد هذه المنطقة غير الساحلية، وربطها وسائل النقل والتجارة مع الدول الواقعة غرب باكستان، أمرا حيويا لإعلاء مكانتها العالمية.

ومع أن زيادة التجارة مع آسيا الوسطى أمر مهم، فإن أهمية تشابهار بالنسبة للهند لا تتوقف عند الاعتبارات التجارية، وكان ذلك واضحا في تصريحات كبار المسؤولين الهنود حول اتفاق السنوات العشر، التي وصفتها الهند بأنها "طويلة الأجل" بسبب احتمالات تجديدها.

وكان كل من وزير الشحن الهندي سارباناندا سونوال ووزير الطرق والتنمية الحضرية الإيراني مهرداد بازرباش، قد حضر مراسم التوقيع على الاتفاق بين شركة الموانئ الهندية العالمية المحدودة ومنظمة الموانئ والملاحة البحرية الإيرانية لتجهيز وإدارة محطات البضائع العامة والحاويات.

وصرحت وزارة الشحن الهندية في بيان لها يوم 13 مايو/أيار، قائلة: "إن توقيع هذا العقد طويل الأجل سيعزز العلاقات بين البلدين. ويؤكد على أهمية تشابهار كبوابة للتجارة مع أفغانستان ودول آسيا الوسطى على نطاق أكبر".

ونقلت وسائل إعلامية عن بازرباش قوله إن الشركة الهندية ستستثمر 120 مليون دولار أميركي في تجهيز الميناء، مع تخصيص 250 مليون دولار أخرى لتمويل المشاريع.

وشركة الموانئ الهندية العالمية المحدودة هي شراكة بين ميناء "جواهر لال نهرو" وصندوق ميناء "ديندايال" (المعروف سابقا باسم صندوق ميناء كاندلا)، وهي شركة ذات أغراض خاصة أنشأتها الحكومة الهندية عام 2015، لإدارة مشروع محطة "ميناء الشهيد بهشتي".

وذكرت وسائل إعلام هندية أن الهند ورّدت حتى الآن ست رافعات متنقلة خاصة بالموانئ ومعدات أخرى تبلغ قيمتها 25 مليون دولار تقريبا. وتتسم إمدادات الهند من النقد ومعدات الموانئ بأهميتها لإيران في ضوء العقوبات الأميركية، مع أن الشركات والمؤسسات المالية الهندية المشاركة في مشروع تشابهار قد تواجه هي نفسها معارضة أميركية.

توقيع هذا العقد طويل الأجل سيعزز العلاقات بين البلدين وسيؤكد أهمية تشابهار كبوابة للتجارة مع أفغانستان ودول آسيا الوسطى

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية، ردا على سؤال حول الاتفاق الإيراني الهندي: "على أي كيان وأي شخص يفكر في عقد صفقات تجارية مع إيران، أن يكون على دراية بالمخاطر المحتملة التي يعرض نفسه لها والمخاطر المحتملة للعقوبات".
ويتولى أعلى مستوى في الحكومة الهندية مشروع تشابهار، حيث تؤدي فيه وزارة الشؤون الخارجية دورا مركزيا، بسبب أهميته الجغرافية السياسية لها.
وكان الأميركيون قد أعفوا الهند عام 2018 من بعض العقوبات بما يسمح لها بتطوير تشابهار وبناء سكة حديدية تربطها بأفغانستان، لكن الاعتبارات الأميركية قد لا تكون اليوم كما كانت من قبل مع اشتداد العداء بين إيران والولايات المتحدة. ولعل انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان في أغسطس/آب 2021 قد غيّر الحسابات الأميركية أيضا من جهود الهند في بناء تواصلها مع آسيا الوسطى.
ويبدو أن الهند التي تدرك طبيعة علاقاتها المشحونة مع باكستان، لم تعد ترى في الطريق البري عبر باكستان أو استخدام ميناء كراتشي للتجارة مع أفغانستان والمنطقة خارجها، مشاريع قابلة للحياة.
وبموجب العقد الموقع بين شركة الموانئ الهندية العالمية المحدودة وشركة أريابنادر الإيرانية في مايو/أيار 2016 أثناء زيارة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى طهران، تقرر أن تبني الهند محطتين تضمان خمسة أرصفة في تشابهار. وقد حددت مذكرة التفاهم الموقعة عام 2015 المواصفات فنصّت على إنشاء محطة شحن متعددة الأغراض بطول 600 متر ومحطة حاويات بطول 640 مترا.
وفي عام 2016 وقعت إيران والهند والنظام السابق في أفغانستان اتفاقا ثلاثيا في طهران لإنشاء ممر دولي للنقل والعبور.

التعاون الاقتصادي بين إيران والهند

 بدأت الهند وإيران عام 2003 مناقشاتهما حول تطوير الميناء البحري الواقع في مقاطعة سيستان-بلوشستان الإيرانية على الساحل الجنوبي الشرقي لخليج عمان.
وينطوي مشروع تشابهار على احتمال تعاون اقتصادي أكبر بينهما، ومن المرجح أن يكون لهذا المشروع تأثير على مشاريع النقل الإقليمية الحالية والمخطط لها.

غيتي
ميناء تشابهار أثناء حفل تدشين قافلة التصدير الأولى من الهند عبر إيران في 25 فبراير 2019

وقال وزير الخارجية الهندي سوبرامانيام جايشانكار إن الهند تدير المرفأ على أساس محدد، وإن اتفاقا طويل الأجل سوف يسهل "استثمارات أكبر في الميناء".
ووقع البلدان الاتفاق التاريخي بعد ثماني سنوات من الاتفاق على إطار التعاون بينهما الخاص بالميناء.
وتقع تشابهار على بعد حوالي 1450 كيلومترا وعلى خط مستقيم جنوب شرقي طهران قريبا من حدود إيران مع باكستان.

يتولى أرفع مستوى في الحكومة الهندية مشروع تشابهار، حيث تؤدي فيه وزارة الشؤون الخارجية دورا مركزيا، بسبب أهميته الجغرافية السياسية لها

وعلى بعد 140 كيلومترا من تشابهار يقع ميناء غوادار الباكستاني الضخم على بحر العرب، وهو مشروع استراتيجي في الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني. وتسعى الصين إلى استخدام غوادار للوصول إلى أسواق الشرق الأوسط وأفريقيا وأوروبا.
ومن زاوية التنافس التجاري، سيستفيد ميناء غوادار من الحجم المذهل للسلع التي تتاجر بها الصين مع العالم.
وترى الهند أن تشابهار جزء من ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب، وهو شبكة متعددة الوسائط من السكك الحديدية والطرق والممرات البحرية تمتد من روسيا إلى الهند عبر إيران.
ويعد مشروع تشابهار المشروع الأهم في العلاقات بين نيودلهي وطهران. لا بل بلغت رمزيته عند الهند أنها نظمت "يوم تشابهار" في مدينة مومباي الغربية في مارس/آذار 2021.
وعلى الرغم من شحن كميات كبيرة من البضائع عبر الميناء، فإن أهميته بنظر الهند تكمن أكثر في فوائده الجيوسياسية، حيث يمثل الوصول إلى آسيا الوسطى جزءا كبيرا من الصفقة.
تتحدث الهند أيضا عن روابطها "الحضارية والثقافية الغنية" مع آسيا الوسطى، تأكيدا منها على الأهمية الكبيرة للمشروع. فهو يساعدها في تطوير التجارة مع أفغانستان، متجاوزة باكستان. فقد شحنت الهند عبر ميناء تشابهار إلى أفغانستان حتى الآن ما مجموعه 2.5 مليون طن من القمح وألفي طن من البقوليات، وفقا لتقرير إعلامي هندي.
ويقع الميناء الإيراني على بعد 550 ميلا بحريا من كاندلا في ولاية غوجارات الغربية و786 ميلا بحريا من مومباي.

font change

مقالات ذات صلة